ناس من الناس دماء ناس وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه" ١ ولأن الأصل براءة ذمته فجعل القول قوله وإن ادعى عيناً في يده فأنكره ولا بينة فالقول قوله مع يمينه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قصة الحضرمي والكندي: "شاهداك أو يمينه". ولأن الظاهر من اليد الملك فقبل قوله وإن تداعيا عيناً في يدهما ولا بينة حلفا وجعل المدعى بينهما نصفين لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رجلين تداعيا دابة ليس لأحدهما: بينة فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ولأن يد كل واحد منهما على نصفها فكان القول فيه قوله كما لو كانت العين في يد أحدهما.
فصل: وإن تداعيا عيناً ولأحدهما: بينة وهي في يدهما أوفي يد أحدهما: أوفي غيرهما حكم لمن له البينة لقوله صلى الله عليه وسلم: "شاهداك أو يمينه". فبدأ بالحكم بالشهادة ولأن البينة حجة صريحة في إثبات الملك لا تهمة فيها واليد تحتمل الملك وغيره والذي يقويها هو اليمين وهو متهم فيها فقدمت البينة عليها وإن كان لكل واحد منهما بينة نظرت فإن كانت العين في يد أحدهما: قضى لمن له اليد من غير يمين ومن أصحابنا من قال: لا يقضى لصاحب اليد من غير يمين والمنصوص أنه يقضى له من غير يمين لأن معه بينة معها ترجيح وهو اليد ومع الآخر بينة لا ترجيح معها والحجتان إذا تعارضتا ومع إحداهما ترجيح قضى بالتي معها الترجيح كالخبرين إذا تعارضا ومع أحدهما: قياس وإن كانت العين في يد أحدهما: فأقام الآخر بينة فقضى له وسلمت العين إليه ثم قام صاحب اليد بينة أنها له نقض الحكم وردت العين إليه لأنا حكمنا للآخر ظناً منا أنه لا بينة له فإذا أتى بالبينة بان أنه كانت له يد وبينة فقدمت على بينة الآخر.
فصل: وإن كان لكل واحد منهما بينة والعين في يدهما أوفي يد غيرهما أولا يد لأحدهما: عليها تعارضت البينتان وفيهما قولان: أحدهما: أنهما يسقطان وهو الصحيح لأنهما حجتان تعارضتا ولا مزية لإحداهما على الأخرى فسقطتا كالنصين في الحادثة فعلى هذا يكون الحكم فيه كما لو تداعيا ولا بينة لواحد منهما والثاني: أنهما يستعملان
١ رواه البخاري في كتاب تفسير سورة آل عمران باب ٣. مسلم في كتاب الأقضية حديث ١. النسائي في كتاب القضاة باب ٣٦. ابن ماجه في كتاب الأحكام باب ٧. أحمد في مسنده ١/٣٤٣.