وفي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال أحدها: أنه يوقف الأمر إلى أن ينكشف أو يصطلحا لأن إحداهما صادقة والأخرى كاذبة ويرجى معرفة الصادقة فوجب التوقف كالمرأة إذا زوجها وليان أحدهما: بعد الآخر ونسي السابق منهما والثاني: أنه يقسم بينهما لأن البينة حجة كاليد ولو استويا في اليد قسم بينهما فكذلك إذا استويا في البينة والثالث: أنه يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حكم له لأنه لا مزية لإحداهما على الأخرى فوجب التقديم بالقرعة كالزوجتين إذا أراد الزوج السفر بإحداهما.
فصل: وإن كانت بينة أحدهما: شاهدين وبينة الآخر أربعة وأكثر فهما متعارضتان وفيهما القولان لأن الاثنين مقدران بالشرع فكان حكمهما وحكم ما زاد سواء وإن كانت إحدى البينتين أعدل من الأخرى فهما متعارضتان وفيهما القولان ولأنهما متساويتان في إثبات الحق وإن كانت بينة أحدهما: شاهدين وبينة الآخر شاهداً وامرأتين فهما متعارضتان وفيهما القولان لأنهما يتساويان في إثبات المال والقول الثاني أنه يقضى لمن له الشاهدان لأن بينته مجمع عليها وبينة الآخر مختلف فيها.
فصل: وإن كانت العين في يد غيرهما فشهد بينة أحدهما: بأنه ملكه من سنة وشهدت بينة الآخر أنه ملكه من سنتين ففيه قولان: قال في البويطي: هما سواء لأن القصد إثبات الملك في الحال وعما متساويتان في إثبات الملك في الحال والقول الثاني أن التي شهدت بالملك المتقدم أولى وهو اختيار المزني هو الصحيح لأنها انفردت بإثبات الملك في زمان لا تعارضها فيه البينة الأخرى وأما إذا كان الشيء في يد أحدهما: فإن كان في يد من شهد له بالملك المتقدم حكم له وإن كان في يد الآخر فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس رحمه الله يبنى على القولين في المسألة قبلها إن قلنا إنهما يتساويان حكم لصاحب اليد وإن قلنا إن التي شهدت بالملك المتقدم تقدم قدمت ههنا أيضاً لأن الترجيح من جهة البينة أولى من الترجيح باليد ومن أصحابنا من قال: يحكم به لمن هو في يده قولاً واحداً لأن اليد الموجودة أولى من الشهادة بالملك المتقدم وأما إذا تداعيا دابة وأقام أحدهما: بينة أنها ملكه نتجت في ملكه وأقام الآخر أنها دابته ولم يذكر المتقدم وفيها قولان لأن الشهادة بالنتاج كشهادته بالملك المتقدم وقال أبو إسحاق يحكم لمن شهدت له البينة بالنتاج قولاً واحداً لأن بينة النتاج تنفي أن يكون الملك لغيره والبينة بالملك المتقدم لا تنفي أن يكون الملك قبل ذلك لغير المشهود له.