القصاص لوارثه أو الدية فإن رجع إلى الإسلام كان له وإن مات على الردة كان ذلك لبيت المال فيئا وقال أبوعلي بن خيران وأبو حفص بن الوكيل: يبني وجوب الدية بقسامته على حكم ملكه فإن قلنا إن ملكه لا يزول بالردة أو قلنا أنه موقوف فعاد إلى الإسلام ثبتت الدية وإن قلنا إن ملكه يزول بالردة أو قلنا أنه موقوف فلم يسلم حتى مات لم تثبت الدية وهذا غلط لأن اكتسابه للمال يصح على الأقوال كلها وهذا اكتساب.
فصل: ومن توجهت عليه يمين في م غلظ عليه في اليمين لما روي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مر بقوم يحلفون بين الركن والمقام فقال أعلى دم؟ قيل لا قال: أفعلى عظيم من المال؟ قيل: لا قال: لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا المقام وإن كانت اليمين في نكاح أو طلاق أوحد قذف أو غيرها مما ليس بمال ولا المقصود منه المال غلظ لأنه ليس بمال ولا المقصود منه المال فغلظ اليمين فيه كالدم وإن كانت اليمين في مال أو ما يقصد به المال فإن كان يبلغ عشرين مثقالاً غلظ وإن لم يبلغ ذلك لم يغلظ لأن عبد الرحمن بن عوف فرق بين المال العظيم وبين ما دونه فإن كانت اليمين في دعوى عتق فإن كان السيد هو الذي يحلف فإن كات قيمة العبد تبلغ عشرين مثقالاً غلظ اليمين وإن لم تبلغ عشرين مثقالاً لم يغلظ لأن المولى يحلف لإثبات المال ففرق بين القليل والكثير كأروش الجنايات فإن كان الذي يحلف هو العبد غلظ قلت قيمته أو كثرت لأنه يحلف إثبات العتق والعتق ليس بمال ولا المقصود منه المال فلم تعتبر قيمته كدعوى القصاص ولا فرق بين أن يكون في طرف قليل الأرش أوفي طرف كثير الأرش.
فصل: والتغليظ قد يكون بالزمان وبالمكان وفي اللفظ فأما التغليظ بالمكان ففيه قولان: أحدهما: أنه يستحب والثاني: أنه واجب وأما التغليظ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الإسفرايني رحمه الله أنه يستحب وقد بينا ذلك في اللعان وقال أكثر أصحابنا إن التغليظ بالزمان كالتغليظ بالمكان وفيه قولان وأما التغليظ باللفظ فهو مستحب وهو أن يقول والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أحلف رجلاً فقال: "قل والله الذي لا إله إلا هو". لأن القصد باليمين الزجر عن الكذب وهذه الألفاظ أبلغ في الزجر وأمنع من الإقدام على الكذب وإن اقتصر على قوله والله أجزأه لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر في إحلاف ركانة على قوله والله وإن اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله: وعزة الله أجرأه لأنها بمنزلة قوله والله في الحنث في اليمين وإيجاب الكفارة وإن حلف بالمصحف وما فيه من القرآن