للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد حكى الشافعي رحمه الله عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف قال: ورأيت مطرفاً بصنعاء يحلف على المصحف قال الشافعي وهو حسن ولأن القرآن من صفات الذات ولهذا يجب بالحنث فيه الكفارة وإن كان الحالف يهودياً أحلفه الله الذي أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق وإن كان نصرانياً أحلفه بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى وإن كان مجوسياً أو وثنياً أحلفه بالله الذي خلقه وصوره.

فصل: ولا يصح اليمين في الدعوى إلا أن يستحلفه القاضي لأن ركانة بن عبد يزيد قال لرسول الله: يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيبة البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله ما أردت إلا واحدة". قال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة ولأن الاعتبار بنية الحاكم فإذا حلف من غير استحلافه نوى ما لا يحنث به فيجعل ذلك طريقاً إلى إبطال الحقوق وإن وصل بيمينه استثناء أو شرطاً أو وصله بكلام لم يفهمه أعاد عليه اليمين من أولها وإن كان الحالف أخرس ولا يفهم إشارته وقف الأمر إلى أن يفهم إشارته فإن طلب المدعي أن يرد اليمين عليه لم يرد اليمين عليه لأن رد اليمين يتعلق بنكول المدعى عليه ولا يوجد النكول فإن كان الذي عليه اليمين حلف بالطلاق أنه لا يحلف بيمين مغلظة فإن كان التغليظ غير مستحق لم يلزمه أن يحلف يميناً مغلظة وإن امتنع من التغليظ لم يجعل ناكلاً.

فصل: وإن حلف على فعل نفسه في نفي أو إثبات حلف على القطع لأن علمه يحيط بحاله فيما فعل وفيما لم يفعل وإن حلف على فعل غيره فإن كان في إثبات حلف على القطع لأن له طريقاً إلى العلم بما فعل غيره وإن كان على نفي حلف على نفي العلم فيقول والله لا أعلم أن أبي أخذ منك مالاً ولا أعلم أن أبي أبرأك من دينه لأنه لا طريق له إلى القطع بالنفي فلم يكف اليمين عليه.

فصل: وإن ادعى عليه دين من بيع أو قرض فأجاب بأنه لا يستحق عليه شيء ولم يتعرض للبيع والقرض لم يحلف إلا على ما أجاب ولا يكلف أن يحلف على نفي البيع والقرض لأنه يجوز أن يكون قد استقرض منه أو ابتاع ثم قضاه أو أبرأه منه فإذا حلف على نفي البيع والقرض حلف كاذباً وإن أجاب بأنه ما باعني ولا أقرضني ففي الإحلاف وجهان: أحدهما: أنه يحلف أنه لا يستحق عليه شيء ولا يكلف أن يحلف على نفي البيع والقرض لما ذكرناه من التعليل والثاني: أنه يحلف على نفي البيع

<<  <  ج: ص:  >  >>