للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استجاز أن يشهد بالزور فعلقنا الحكم على الغالب من أفعاله لأن الحكم للغائب والنادر لا حكم له ولهذا قال الله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [الأنبياء: ١٠٣] .

فصل: ولا تقبل شهادة من لا مروءة له كالقوال والرقاص ومن يأكل في الأسواق ويمشي مكشوف الرأس في موضع لا عادة له في كشف الرأس فيه لأن المروءة هي الإنسانية وهي مشتقة من المرء ومن ترك الإنسانية لم يؤمن أن يشهد بالزور ولأن من لا يستحيي من الناس في ترك المروءة لم يبال بما يصنع والدليل عليه ما روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت" ١. واختلف أصحابنا في أصحاب الصنائع الدنيئة إذا حسنت طريقتهم في الدين كالكناس والدباغ والزبال والنخال والحجام والقيم الحمام فمنهم من قال لا تقبل شهادتهم لدناءتهم ونقصان مروءتهم ومنهم من قال: تقبل شهادتهم لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] ولأن هذه صناعات مباحة وبالناس إليها حاجة فلم ترد بها الشهادة.

فصل: ويكره اللعب بالشطرنج لأنه لعب لا ينتفع به في أمر الدين ولا حاجة تدعوا إليه فكان تركه أولى ولا يحرم لأنه روي اللعب به عن ابن عباس وابن الزبير وأبي هريرة وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم وروي عن سعيد بن جبير أنه كان يلعب به استدباراً ومن لعب به من غير عوض ولم يترك فرضاً ولا مروءة لم ترد شهادته وإن لعب به عوض نظرت فإن أخرج كل واحد منهما مالاً على أن من غلب منهما أخذ المالين فهو قمار تسقط به العدالة وترد به الشهادة لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ


١ رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٥٤. أبو داود في كتاب الأدب باب ٦. ابن ماجه في كتاب الزهد باب ١٧. الموطأ في كتاب السفر حديث ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>