فصل: ويقبل إقرار المريض بالحد والقصاص لأنه غير متهم ويقبل إقراره بالمال لغير وارث لأنه غير متهم في حقه وإن أقر لرجل بدين في الصحة وأقر لآخر بدين في المرض وضاق المال عنهما قسم بينهما على قدر الدينين لأنهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال ولم يقدم أحدهما: على الآخر كما لو أقر لهما في حال الصحة واختلف أصحابنا في إقراره للوارث فمنهم من قال فيه قولان: أحدهما: أنه لا يقبل لأنه إثبات مال للوارث بقوله من غير رضى الورثة فلم يصح من غير رضى سائر الورثة كالوصية والثاني: أنه يقبل وهو الصحيح لأن من صح إقراره له في الصحة صح إقراره في المرض كالأجنبي ومن أصحابنا من قال يقبل إقراره قولاً واحداً والقول الآخر حكاه عن غيره وإن كان وارثه أخاً فأقر له بمال فلم يمت المقر حتى حدث له ابن صح إقراره للأخ قولاً واحداً لأنه خرج عن أن يكون وارثاً وإن أقر لأخيه وله ابن فلم يمت حتى مات الابن صار الإقرار للوارث فيكون على ما ذكرناه من الطريقين في الإقرار للوارث وإن ملك رجل أخاه ثم أقر في مرضه أنه كان أعتقه في صحته وهو أقرب عصبته بعد عتقه هل يرث أم لا؟ إن قلنا إن الإقرار للوارث لا يصح لم يرث لأن توريثه يوجب إبطال الإقرار بحريته وإذا بطلت الحرية سقط الإرث فثبتت الحرية وسقط الإرث وإن قلنا إن الإقرار للوارث يصح نفذ العتق بإقراره وثبت الإرث بنسبه.
فصل: ويصح الإقرار لكل من يثبت له الحق المقر به فإن أقر لعبد بالنكاح أو القصاص أو تعزير القذف صح الإقرار له صدقه السيد أو كذبه لأن الحق له دون المولى فإن أقر له بمال فإن قلنا إنه يملك المال صح الإقرار وإن قلنا إنه لا يملك كان الإقرار لمولاه يلزم بتصديقه ويبطل برده.
فصل: وإن أقر لحمل بمال فإن عزاه إلى إرث أو وصية صح الإقرار فإن أطلق ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يصح لأنه لا يثبت له الحق من جهة المعاملة ولا من جهة الجناية والثاني: أنه يصح وهو الصحيح لأنه يجوز أن يملكه بوجه صحيح وهو الإرث والوصية فصح الإقرار له مطلقاً كالطفل ولا يصح الإقرار إلا لحمل يتيقن وجوده عند الإقرار كما بيناه في كتاب الوصية وإن أقر لمسجد أو مصنع وعزاه إلى سبب صحيح من غلة وقف عليه صح الإقرار فإن أطلق ففيه وجهان بناء على القولين في الإقرار للحمل.