فصل: وإن أقر بحق لآدمي أو بحق لله تعالى لا يسقط بالشبهة ثم رجع في إقراره لم يقبل رجوعه لأنه حق ثبت لغيره فلم يملك إسقاط بغير رضاه وإن أقر بحق لله عز وجل يسقط بالشبهة نظرت فإن كان حد الزنا أوحد الشرب قبل رجوعه وقال أبو ثور رحمه الله: لا يقبل لأنه حق ثبت بالإقرار فل يسقط بالرجوع كالقصاص وحد القذف وهذا خطأ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل من أسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الأخر زنى فأعرض عنه قال: أتى رجل من أسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الأخر زنى فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى لشق وجهه الذي أعرض عنه فقال: يا رسول الله إن الأخر زنى فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى له الرابعة فلما شهد على نفسه أربع مرات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل بك جنون" فقال: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا به فارجموه". وكان قد أحصن فلولم يسقط بالرجوع لما عرض له ويخالف القصاص وحد القذف فإن ذلك يجب لحق الآدمي وهذا يجب لحق الله تعالى وقد ندب فيه إلى الستر وإن كان حد السرقة أو قطع الطريق ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يقبل فيه الرجوع لأنه حق يجب لصيانة حق الآدمي فلم يقبل فيه الرجوع عن الإقرار كحد القذف والثاني: وهو الصحيح أنه يقبل لما روى أبو أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص قد اعترف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما إخالك سرقت". فقال له مرتين أو ثلاثة ثم أمر بقطعه فلولم يقبل فيه رجوعه لما عرض له ولأنه حق لله تعالى يقبل فيه الرجوع عن الإقرار كحد الزنا والشرب.