أصحابنا من قال: لا تبطل كأكل الناسي لا يبطل الصوم قل أو كثر فإن تنحنح أو تنفس أو نفخ أو بكى أو تبسم عامداً ولم يبن منه حرفان لم تبطل صلاته لما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سجد جعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد في الركعة الثانية فلما قضى صلاته قال: فوالذي نفسي بيده لقد عرض على النار حتى إني لأطفئها خشية أن تغشاكم ولأن ما لم يتبين منه حرفان ليس بكلام فلا يبطل الصلاة فإن كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه لم تبطل صلاته لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على أبي بن كعب رضي الله عنه وهو يصلي فلم يجبه فخفف الصلاة وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما منعك أن تجيبني؟ قال: يا رسول الله: كنت أصلي قال: أفلم تجد فيما أوحي إلي استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم قال: بلى يا رسول الله لا أعود فإن رأى المصلي ضريراً يقع في بئر فأنذره بالقول ففيه وجهان: قال أبو إسحاق المروزي رحمه الله: لا تبطل صلاته لأنه واجب عليه فهو كإجابة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أصحابنا من قال: تبطل صلاته لأنه لا يجب عليه لأنه قد لا يقع في البئر وليس بشيء فإن كلمه إنسان وهو في الصلاة وأراد أن يعلمه أنه في الصلاة أو سها الإمام فأراد أن يعلمه بالسهو استحب له إن كان رجلاً أن يسبح وتصفق إن كانت امرأة فتضرب ظهر كفها الأيمن على بطن كفها الأيسر لما روى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال ولتصفق النساء" فإذا فعل ذلك للإعلام لم تبطل صلاته لأنه مأمور به فإن صفق الرجل وسبحت المرأة لم تبطل الصلاة لأنه ترك سنة فإن أراد الإذن لرجل في الدخول فقال {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ}[الحجر:٤٦] فإن قصد التلاوة والإعلام لم تبطل صلاته لأن قراءة القرآن لا تبطل الصلاة وإن لم يقصد القرآن بطلت صلاته لأنه من كلام الآدميين وإن شمت عاطساً بطلت صلاته لحديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه ولأنه كلام وضع لمخاطبة الآدمي فهو كرد السلام وروى يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: لا تبطل الصلاة لأنه دعاء بالرحمة فهو كالدعاء لأبويه بالرحمة.