فصل: وإن كان أكل عامداً بطلت صلاته لأنه أبطل الصوم الذي لا يبطل بالأفعال فلأن يبطل الصلاة أولى وإن كان أكل ناسياً لم تبطل كما لا يبطل الصوم.
فصل: وإن عمل في الصلاة عملاً ليس منها نظرت فإن كان من جنس أفعالها بأن ركع أو سجد في غير موضعها فإن كان عامداً بطلت صلاته لأنه متلاعب بالصلاة وإن كان ناسياً لم تبطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فسبحوا له وبنى على صلاته وإن قرأ فاتحة الكتاب مرتين عامداً فالمنصوص أنه لا تبطل صلاته لأنه تكرار ذكر فهو كما لو قرأ السورة بعد الفاتحة مرتين ومن أصحابنا من قال تبطل لأنه ركن زاده في الصلاة فهو كالركوع والسجود وإن عمل عملاً ليس من جنسها فإن كان قليلاً مثل أن دفع ماراً بين يديه أو ضرب حية أو عقرباً أو خلع نعليه أو أصلح رداءه أو حمل شيئاً أو سلم عليه رجل فرد عليه بالإشارة وما أشبه ذلك لم تبطل صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفع المار بين يديه وأمر بقتل الأسودين الحية والعقرب في الصلاة وخلع نعليه وحمل أمامه بنت أبي العاص في الصلاة فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها وسلم عليه الأنصار فرد عليهم بالإشارة في الصلاة ولأن المصلي لا يخلوا من عمل قليل فلم تبطل صلاته بذلك وإن عمل عملاً كثيراً بأن مشى خطوات متتابعات أو ضرب ضربات متواليات بطلت صلاته لأن ذلك لا تدعو الحاجة إليه في الغالب وإن مشى خطوتين أو ضرب ضربتين ففيه وجهان: أحدهما لا تبطل صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه ووضعهما إلى جانبه وهذان فعلان متواليان والثاني تبطل لأنه عمل متكرر فهو كالثلاث وإن عمل عملاً كثيراً متفرقاً لم تبطل صلاته لحديث أمامة ابنة أبي العاص رضي الله عنها فإنه تكرر منه الحمل والوضع ولكنه لما تفرق لم يقطع الصلاة ولا فرق في العمل بين السهو والعمد لأنه فعل بخلاف الكلام فإنه قول والفعل أقوى من القول ولهذا ينفذ إحبال المجنون لكونه فعلاً ولا ينفذ إعتاقه لأنه قول.
فصل: ويكره أن يترك شيئاً من سنن الصلاة ويكره أن يلتفت في صلاته من غير حاجة لما روى أبو ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الله تعالى مقبلاً على عبده في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت صرف الله عنه وجهه١" وإن كان لحاجة لم
١ رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب ١٦١. النسائي في كتاب السهو باب ١٠. الدارمي في كتاب الصلاة باب ١٣٤. أحمد في مسنده "٥/١٧٢".