فصل: إذا فاتته صلاة في السفر فقضاها في الحضر ففيه قولان: قال في القديم: له أن يقصر لأنها صلاة سفر فكان قضاؤها كأدائها في العدد كما لو فاتته في الحضر فقضاها في السفر وقال في الجديد: لا يجوز له القصر وهو الأصح لأنه تخفيف تعلق في عذر فزال بزوال العذر كالقعود في صلاة المريض وإن فاتته في السفر فقضاها في السفر ففيه قولان: أحدهما لا يقصر لأنه صلاة ردت من أربع إلى ركعتين فكان من شرطها الوقت كصلاة الجمعة والثاني له أن يقصر وهو الأصح لأنه تخفيف يعلق بعذر والعذر باق فكان التخفيف باقياً كالقعود في صلاة المريض وإن فاتته في الحضر صلاة فأراد قضاءها في السفر لم يجز له القصر لأنه ثبت في ذمته صلاة تامة فلم يجز له القصر كما لو نذر أن يصلي أربع ركعات وقال المزني: له أن يقصر كما لو فاته قصر يوم في الحضر فذكره في السفر فإن له أن يفطر وهذا لا يصح لأن الصوم تركه في حال الأداء وقد كان له تركه وههنا في حال الأداء لم يكن له أن يقصر فوازنه من الصوم أن يتركه من غير عذر فلا يجوز له تركه في السفر فأما إذا دخل عليه وقت الصلاة وتمكن من فعلها ثم سافر فإن له أن يقصر وقال المزني: لا يجوز له أن يقصر ووافقه عليه أبو العباس لأن السفر يؤثر في الصلاة كما يؤثر في الحيض ثم لو طرأ الحيض بعد الوجوب والقدرة على فعلها لم يؤثر ذلك كذلك السفر والمذهب الأول لأن الاعتبار في صفة الصلاة بحال الأداء لا يحال الوجوب والدليل عليه أنه لو دخل عليه وقت الظهر وهو عبد فلم يصل حتى عتق صار فرضه الجمعة وهذا في حال الأداء مسافر فوجب أن يقصر ويفارق الحيض لأنه يؤثر في إسقاط الفرض فلو أثر ما طرأ منه بعد القدرة على الأداء أفضى إسقاط الفرض بعد الوجوب والقدرة والسفر يؤثر في العدد فلا يفضي إلى إسقاط الفرض بعد الوجوب ولأن الحائض تفعل القضاء والقضاء يتعلق بالوجوب والقدرة عليه والمسافر يفعل الأداء وكيفية الأداء تعتبر بحال الأداء والأداء في حال السفر وإن سافر بعد ما ضاق الوقت كان له أن يقصر وقال أبو الطيب بن سلمة: لا يقصر لأنه تعينت عليه صلاة حضر فلا يجوز له القصر والمذهب الأول لما زكرناه مع المزني ووأبي عباس وقوله تعينت عليه صلاة حضر يبطل بالعبد إذا عتق في وقت الظهر وإن سافر وقد بقي من الوقت أقل من قدر الصلاة فإن قلنا إنه مؤد لجميع الصلاة جاز القصر وإن قلنا إنه مؤد لما فعل في الوقت قاض لما فعل بعد الوقت لم يجز له القصر.