يسعى إلى الجمعة فترك الجمعة ومضى إليه وذلك لما بينهما من القرابة فإنه ابن عمه ولأنه يلحقه بفوات ذلك من الألم أكثر مما يلحقه من مرض أو أخذ مال.
فصل: ومن لا جمعة عليه لا تجب عليه وإن حضر الجامع إلا المريض ومن في طريقه مطر لأنه إنما لم تجب عليهم للمشقة وقد زالت بالحضور وإن اتفق يوم عيد ويوم جمعة فحضر أهل السواد فصلوا العيد فجاز أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة لما روي أن عثمان رضي الله عنه قال في خطبته: أيها الناس قد اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن أراد من أهل العالية أن يصلي معنا الجمعة فليصل ومن أراد أن ينصرف فلينصرف ولم ينكر عليه أحد ولأنهم إذا قعدوا في البلد لم يتهيأوا بالعيد فإن خرجوا ثم رجعوا للجمعة كان عليهم في ذلك مشقة والجمعة تسقط بالمشقة ومن أصحابنا من قال: تجب عليهم الجمعة لأن من لزمته الجمعة في غير يوم عيد وجبت عليه في يوم العيد كأهل البلد والمنصوص في الأم هو الأول.
فصل: ومن لا جمعة عليه مخير بين الظهر والجمعة فإن صلى الجمعة أجزأه عن الظهر لأن الجمعة إنما سقطت عنه لعذر فإن حمل على نفسه وفعل أجزأه كالمريض إذا حمل على نفسه فصلى من قيام وإذا أراد أن يصلي الظهر جاز لأنه فرضه غير أن المستحب أن لا يصلي حتى يعلم ان الجمعة قد فاتت لأنه ربما زال العذر فيصلي الجمعة فإن صلى في أول الوقت ثم زال عذره والوقت باق لم تجب عليه الجمعة وقال أبو بكر بن الحداد المصري: إذا صلى الصبي الظهر ثم بلغ والوقت باق لزمه الجمعة وإن صلى غيره من المعذورين لم تلزمه الجمعة لأن ما صلى الصبي ليس بفرض وما صلى غيره فرض والمذهب الأول لأن الشافعي نص على أن الصبي إذا صلى في غير يوم الجمعة الظهر ثم بلغ والوقت باق لم تجب عليه إعادة الظهر فكذلك الجمعة وإن صلى المعذور الظهر ثم صلى الجمعة سقط الفرض بالظهر وكانت الجمعة نافلة وحكى أبو إسحاق المروزي أنه قال في القديم: يحتسب الله له بأيتهما شاء والصحيح هو الأول وإن أخر المعذور الصلاة حتى فاتت الجمعة صلى الظهر في الجماعة قال الشافعي رحمه الله: وأحب إخفاء الجماعة لئلا يتهموا في الدين قال أصحابنا: فإن كان عذرهم ظاهراً