للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكره إظهار الجماعة لأنهم لا يتهمون مع ظهور العذر وأما من تجب عليه الجمعة فلا يجوز أن يصلي الظهر قبل فوات الجمعة فإنه مخاطب بالسعي إلى الجمعة فإن صلى الظهر قبل صلاة الإمام ففيه قولان: قال في القديم: يجزئه لأن الفرض هو الظهر لأنه لو كان الفرض هو الجمعة لوجب قضاؤها كسائر الصلوات وقال في الجديد: لا يجزئه ويلزمه إعادتها وهو الصحيح لأن الفرض هو الجمعة لأنه لو كان الفرض هو الظهر والجمعة بدل عنه لما أثم بترك الجمعة إلى الظهر كما لا يأثم بترك الصوم إلى العتق في الكفارة وقال أبو إسحاق: إن اتفق أهل بلد على فعل الظهر أتموا بترك الجمعة إلا أنه يجزئهم لأن كل واحد منهم لا تنعقد به الجمعة والصحيح أنه لا يجزئهم على قوله الجديد لأنهم صلوا فرض الظهر وفرض الجمعة متوجه عليهم.

فصل: ومن لزمته الجمعة وهو يريد السفر فإن كان يخاف فوت السفر جاز له ترك الجمعة لأنه ينقطع عن الصحبة فينتظر وإن لم يخف الفوت لم يجز أن يسافر بعد الزوال لأن الفرض توجه عليه فلا يجوز تفويته بالسفر وهل يجوز قبل الزوال؟ فيه قولان: أحدهما يجوز لأنه لم تجب عليه فلم يحرم التفويت كبيع المال قبل الحول والثاني لا يجوز وهو الأصح لأنه وقت لوجوب التسبب بدليل أنه من كان داره على بعد لزمه القصد قبل الزوال ووجوب التسبب كوجوب الفعل فإذا لم يجز السفر بعد وجوب الفعل لم يجز بعد وجوب التسبب.

فصل: وأما البيع فينظر فيه فإن كان قبل الزوال لم يكره له وإن كان بعد الزوال وقبل ظهور الإمام كره فإن ظهر الإمام وأذن المؤذن حرم لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] إن تبايع رجلان أحدهما من أهل فرض الجمعة والآخر ليس من أهل الفرض أثما جميعاً لأن أحدهما توجه عليه الفرض وقد اشتغل عنه والآخر شغله عن الفرض ولا يبطل البيع لأن النهي لا يختص بالعقد فلم يمنع الصحة كالصلاة في أرض مغصوبة.

فصل: ولا تصح الجمعة إلا في أبنية مجتمعة يستوطنها من تنعقد بهم الجمعة في بلد أو قرية لأنه لم تقم الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في أيام الخلفاء إلا في بلد أو قرية ولم ينقل أنها أقيمت في بدو فإن خرج أهل البلد إلى خارج البلد فصلوا الجمعة لم يجز لأنه ليس بوطن فلم تصح فيه الجمعة كالبدو وإن انهدم البلد فأقام أهله على عمارته فحضرت الجمعة لزمهم إقامتها لأنهم في موضع الاستيطان.

فصل: ولا تصح إلا بأربعين نفساً لما روى جابر رضي الله عنه قال: مضت السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>