عدم الكفارة إلا فيما ورد به الشرع وقد ورد الشرع بإيجاب الكفارة في الجماع وما سواه ليس في معناه لأن الجماع أغلظ ولهذا يجب به الحد في ملك الغير ولا يجب فيما سواه فبقي على الأصل وإن بلغ ذلك السلطان عذره لأنه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فثبت فيه التعزيز كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية.
فصل: وإن أفطر بالجماع من غير عذر وجب عليه القضاء لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع أهله في رمضان بقضائه ولأنه إذا وجب فالقضاء على المريض والمسافر وهما معذوران فعلى المجامع أولى ويجب عليه إمساك بقية النهار لأنه أفطر بغير عذر وفي الكفارة ثلاثة أقوال: أحدها يجب على الرجل دون المرأة لأنه حق مال يختص بالجماع فاختص به الرجل دون المرأة كالمهر والثاني يجب على كل واحد منهما كفارة لأنه عقوبة تتعلق بالجماع فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا والثالث يجب عليه عنه وعنها كفارة لأن الأعرابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن فعل مشترك بينه وبينها فأوجب عتق رقبة فدل على أن ذلك عنه وعنها.
فصل: والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً والدليل عليه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي وقع على امرأته في يوم من شهر رمضان أن يعتق رقبة قال لا أجد قال: صم شهرين متتابعين قال: لا أستطيع قال: اطعم ستين مسكيناً قال: لا أجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعاً قال: خذه وتصدق به قال: على أفقر من أهلي؟ والله ما بين لابتي المدينة أحوج من أهلي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال: خذه واستغفر الله تعالى وأطعم أهلك١" فإن قلنا يجب على كل واحد منهما كفارة اعتبر حال كل واحد منهما بنفسه فمن كان من أهل العتق أعتق ومن كان من أهل الصوم صام ومن كان من أهل الإطعام أطعم كرجلين أفطرا بالجماع فإن قلنا يجب عليه كفارة عنه وعنها اعتبر حالهما فإن كانا من أهل العتق أعتق وإن كانا من أهل الإطعام أطعم وإن كانا من أهل الصيام وجب على كل واحد منهما صوم شهرين متتابعين لأن الصوم لا يتحمل وإن اختلف حالهما نظرت فإن كان الرجل من أهل العتق وهي من أهل الصوم
١ رواه البخاري في كتاب الصوم باب ٣٠، ٣١. مسلم في كتاب الصيام حديث ٨١. أبو داود في كتاب الصوم باب ٣٧. الترمذي في كتاب الصوم باب ٢٨. أحمد في مسنده "٢/٢٠٨".