بيت صديق له لم يلزمه قضاء الحاجة فيه لأنه ربما احتشم وشق عليه فلم يكلف ذلك وإن كان له بيتان قريب وبعيد ففيه وجهان: أظهرهما أنه لا يجوز أن يمضي إلى البعيد فإن خرج إليه بطل اعتكافه لأنه لا حاجة له إليه فأشبه إذا خرج لغير حاجة وقال أبو علي بن أبي هريرة: يجوز أن يمضي إلى الأبعد ولا يبطل اعتكافه لأنه خروج لحاجة الإنسان فأشبه إذا لم يكن له غيره.
فصل: ويجوز أن يمضي إلى البيت للأكل ولا يبطل اعتكافه وقال أبو العباس لا يجوز فإن خرج بطل اعتكافه لأنه يمكنه أن يأكل في المسجد فلا حاجة به إلى الخروج والمنصوص هو الأول لأن الأكل في المسجد ينقص من المروءة فلم يلزمه.
فصل: وفي الخروج إلى المنارة الخارجة عند رحبة المسجد ليؤذن ثلاثة أوجه: أحدها يجوز فإن خرج لم يبطل اعتكافه لأنها بنيت للمسجد فصارت كالمنارة التي في رحبة المسجد والثاني لا يجوز لأنها خارجة من المسجد فأشبه غير المنارة وقال أبو إسحاق المروزي: إن كان المؤذن ممن قد ألف الناس صوته جاز أن يخرج ولا يبطل اعتكافه لأن الحاجة تدعو إليه لإعلام الناس بالوقت وإن لم يألفوا صوته لم يجز أن يخرج فإن خرج بطل اعتكافه لأنه لا حاجة به إليه.
فصل: وإن عرضت صلاة الجنازة نظرت فإن كان في اعتكاف تطوع فالأفضل أن يخرج لأن صلاة الجنازة فرض على الكفاية فقدمت على الاعتكاف وإن كان في اعتكاف فرض لم يخرج لأنه تعين عليه فرضه فلا يجوز تركه لصلاة الجنازة التي لم يتعين عليه فرضها فإن خرج اعتكافه لأنه غير مضطر إلى الخروج فإن غيره يقوم مقامه فيه.
فصل: ويجوز أن يخرج في اعتكاف التطوع لعيادة المريض لأنها تطوع والاعتكاف تطوع فخير بينهما فإن اختار الخروج بطل اعتكافه لأنه خروج غير مضطر إليه وإن خرج لما يجوز الخروج له من حاجة الإنسان والأكل فسأل عن المريض في الطريق ولم يعرج عليه جاز ولم يبطل اعتكافه وإن وقف بطل اعتكافه لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي ولا تقف ولأنه لم يترك الاعتكاف بالمسألة فلم يبطل اعتكافه وبالوقوف يترك الاعتكاف فبطل.