قائم فوازنه من مسألتنا أن يدرك الكمال وهو واقف بعرفة فيجزئه وههنا أدرك الكمال وقد انقضى الوقوف فلم يجزه كما لو أدرك الكمال بعد التحلل عن الإحرام ويخالف الصلاة فإن الصلاة تجزئه بإدراك الكمال بعد الفراغ منها ولو فرغ من الحج ثم أدرك الكمال لم يجزه.
فصل: فأما غير المستطيع فلا يجب عليه لقوله عز وجل {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[آل عمران:٩٧] فدل على أنه لا يجب على غير المستطيع والمستطيع اثنان: مستطيع بنفسه ومستطيع بغيره والمستطيع بنفسه ينظر فيه فإن كان من مكة على مسافة تقصر فيها الصلاة فهو أن يكون صحيحاً واجداً للزاد والماء بثمن المثل في المواضع التي جرت العادة أن يكون فيها في ذهابه ورجوعه واجداً لراحلة تصلح لمثله بثمن المثل أو بأجرة المثل وأن يكون الطريق آمنا من غير خفارة وأن يكون عليه من الوقت ما يتمكن فيه من السير والأداء فأما إذا كان مريضاً تلحقه مشقة غير معتادة لم يلزمه لما روى أبو أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يمنعه من الحج مرض حابس أو سلطان جائر فمات فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً١".
فصل: فإن لم يجد الزاد لم يلزمه لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما يوجب الحج فقال: الزاد والراحلة فإن لم يجد الماء لم يلزمه لأن الحاجة إلى الماء أشد من الحاجة إلى الزاد فإذا لم يجب على من لم يجد الزاد فلأن لا يجد على من لم يجد الماء أولى وإن وجد الزاد والماء بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه لأنه لو لزم ذلك لم يأمن أنه لا يباع منه ذلك إلا بما يذهب به جميع ماله في إيجاب ذلك إضرار فلم يلزمه وإن لم يجد راحلة لم يلزمه لحديث ابن عمر وإن وجد راحلة لا تصلح لمثله بأن يكون ممن لا يمكنه الثبوت على القتب والزاملة لم يلزمه
١ رواه النسائي في كتاب المناسكبباب ٨، ١١. الدارمي في كتاب المناسك باب ٢.