حتى يجد عمارية أو هودجاً وإن بذل له رجل راحلة من غير عرض لم يلزمه قبولها لأن عليه في قبول ذلك منة وفي تحمل المنة مشقة فلا يلزمه وإن وجد بأكثر من ثمن المثل ولو بأكثر من أجرة المثل لم يلزمه لما ذكرناه في الزاد وإن وجد الزاد والراحلة لذهابه ولم يجد لرجوعه نظرت فإن كان له أهل في بلده لم يلزمه وإن لم يكن له أهل ففيه وجهان: أحدهما يلزمه لأن البلاد كلها في حقه واحدة والثاني لا يلزمه لأنه يستوحش بالانقطاع عن الوطن والمقام في الغربة لم يلزمه وإن وجد ما يشتري به الزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه لم يلزمه حالاً كان الدين أو مؤجلاً لأن الدين الحال على الفور والحج على التراخي فقدم عليه والمؤجل يحل عليه فإذا صرف ما معه في الحج لم يجد ما يقضي به الدين وإن كان محتاجاً إليه لنفقة من تلزمه نفقة لم يلزمه الحج لأن النفقة على الفور والحج على التراخي وإن احتاج إليه لمسكن لا بد له من مثله أو خادم يحتاج إلى خدمته لم يلزمه وإن احتاج إلى النكاح وهو يخاف العنت قدم النكاح لأن الحاجة إلى ذلك الفور والحج ليس على الفور وإن احتاج إليه في بضاعة يتجر فيهل ليحصل منها على ما يحتاج إليه للنفقة ففيه وجهان: قال أبو العباس بن سريج لا يلزمه الحج أنه محتاج إليه فهو كالمسكن والخادم ومن أصحابنا من قال يلزمه لأنه واجد للزاد والراحلة وإن لم يجد الزاد والراحلة وهو قادر على المشي وله صنعة يكتسب بها ما يكفيه لنفقته استحب له أن يحج لأنه يقدر على إسقاط الفرض بمشقة لا يكره تحملها فاستحب له إسقاط الفرض كالمسافر إذا قدر على الصوم في السفر وإن لم يكن له صنعة ويحتاج إلى مسألة الناس كره له أن يحج لأن المسألة مكروهة ولأن في المسألة تحمل مشقة شديدة فكره وإن كان الطريق غير آمن لم يلزمه لحديث أبي أمامة ولأن في إيجاب الحج مع الخوف تغريراً بالنفس والمال وإن كان الطريق آمناً إلا أنه يحتاج فيه إلى خفارة لم يلزمه لأن ما يؤخذ في الخفارة بمنزلة ما زاد على ثمن المثل وأجرة المثل