في الزاد والراحلة فلا يلزمه ولأنه رشوة على واجب فلا يلزمه وإن لم يكن له طريق إلا في البحر فقد قال في الأم: لا يجب عليه وقال في الإملاء: إن كان أكثر معاشه في البحر لزمه فمن أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما يجب لأنه طريق مسلوك فأشبه البر والثاني لا يجب لأن فيه تغريراً بالنفس والمال فلا يجب كالطريق المخوف ومنهم من قال إن كان الغالب منه السلامة لزمه وإن كان الغالب منه الهلاك لم يلزمه كطريق البر ومنهم من قال إن كان عادة بركوبه لزمه وإن لم يكن له عادة بركوبه لم يلزمه لأن من له عادة لا يشق عليه ومن لا عادة له يشق عليه وإن كان أعمى لم يجب عليه إلا أن يكون معه قائد فإن الأعمى من غير قائد كالزمن ومع القائد كالبصير وإن كانت امرأة لم يلزمها إلا أن تأمن على نفسها بزوج أو محرم أو نساء ثقات قال في الإملاء أو امرأة واحدة وروى الكرابيسي عنه إذا كان الطريق آمناً جاز من غير نساء وهو الصحيح لما روى عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حتى لتوشك الظعينة أن تخرج منها بغير جوار حتى تطوف بالكعبة قال عدي: فلقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة بغير جوار ولأنها تصير مستطيعة بما ذكرناه ولا تصير مستطيعة بغيره فإن لم يبق من الوقت ما يتمكن فيه من السير لأداء الحج لم يلزمه لأنه إذا ضاق الوقت لم يقدر على الحج فلا يلزمه فرضه.
فصل: وإن كان من مكة على مسافة لا تقصر فيها الصلاة لم يجد راحلة نظرت فإن كان قادراً على المشي وجب عليه لأنه يمكنه الحج من غير مشقة شديدة وإن كان زمناً على المشي ويقدر على الحبو لم يلزمه لأن المشقة في الحبو في المسافة القريبة أكثر من المشقة في المسافة البعيدة في السير.