تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً}[المائدة:٩٦] فإن أخذه لم يملكه بالأخذ لأن ما منع أخذه لحق الغير لم يملكه بالأخذ من غير إذنه كما لو غضب مال غيره وإن كان الصيد لآدمي وجب رده إلى مالكه وإن كان من المباح وجب إرساله في موضع يمتنع على من يأخذه لأن ما حرم أخذه لحق الغير إذا أخذه وجب رده إلى مالكه كالمغصوب فإن هلك عنده وجب عليه الجزاء لأنه مال حرام أخذه لحق الغير فضمنه بالبدل كمال الآدمي فإن خلص صيداً من فم سبع فداواه فمات في يده لم يضمنه لأنه قصد الصلاح قال الشافعي رحمه الله: ولو قيل يضمن لأنه تلف في يده كان محتملاً ويحرم عليه قتله فإن قتله عمداً وجب عليه الجزاء لقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة:٩٥] فإن قتله خطأ وجب عليه الجزاء لأن ما ضمن عمده بالمال ضمن خطؤه كمال الآدمي ولأنه كفارة تجب بالقتل فاستوى فيها الخطأ والعمد ككفارة القتل فإن كان الصيد مملوكاً لآدمي وجب عليه الجزاء والقيمة وقال المزني: لا يجب الجزاء في الصيد المملوك لأنه يؤدي إلى إيجاب بدلين عن متلف واحد والدليل على أنه يجب أنه كفارة تجب بالقتل فوجبت بقتل المملوك ككفارة القتل ويحرم عليه جرحه لأن ما منع من إتلافه لحق الغير منع من إتلاف أجزائه كالآدمي وإن أتلف جزءاً منه ضمنه بالجزاء لأن ما ضمن جميعه بالبدل ضمن أجزاؤه كالآدمي ويحرم عليه تنفير الصيد لقوله صلى الله عليه وسلم في مكة: "لا ينفر صيدها" وإذا حرم ذلك في صيد الحرم وجب أن يحرم في الإحرام فإن نفره فوقع في بئر فهلك أو نهشته حية أو أكله سبع وجب عليه الضمان لما روي أن عمر رضي الله عنه دخل دار الندوة فعلق رداءه فوقع عليه طير فخاف أن ينجسه فطيره فنهشته حية فقال طير طردته حتى نهشته