الحية فسأل من كان معه أن يحكموا عليه فحكموا عليه بشاة ولأنه هلك بسبب من جهته فأشبه إذا حفر له بئراً ونصب له أحبولة فهلك بها ويحرم عليه أن يعين على قتله بدلالة أو إعارة آلة لأن ما حرم قتله حرمت الإعانة على قتله كالآدمي وإن أعان على قتله بدلالة أو إعارة آلة فقتل لم يلزمه الجزاء لأن ما لا يلزمه حفظه لا يضمنه بالدلالة على إتلافه كمال الغير ويحرم عليه أكل ما صيد له لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصيد حلال لكم ما لم تصيدوا أو يصد لكم١" ويحرم عليه أكل ما أعان على قتله بدلالة أو إعارة آلة لما روى عبد الله بن أبي قتادة قال: كان أبو قتادة في قوم محرمين وهو حلال فأبصر حمار وحش فاختلس من بعضهم سوطاً فضربه حتى صرعه ثم ذبحه وأكل هو وأصحابه فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل أشار إليه أحد منكم"؟ قالوا: لا قال: فلم ير بأكله بأساً فإن أكل ما صيد له أو أعان على قتله فهل يجب عليه الجزاء؟ فيه قولان: أحدها يجب لأنه فعل محرم يحكم الإحرام فوجبت فيه الكفارة كقتل الصيد والثاني لا يجب لأنه ليس بنام ولا بآيل إلى النماء فلا يضمن بالجزاء كالشجر اليابس والبيض المذر فإن ذبح صيداً حرم عليه أكله لأنه إذا حرم عليه ما صيد له أو دل عليه فلأن يحرم ما ذبحه أولى وهل يحرم على غيره؟ فيه قولان: قال في الجديد يحرم لأن ما حرم على الذابح أكله حرم على غيره كذبيحة المجوسي وقال في القديم لا يحرم لأن من حل بذكاته غير الصيد حل بذكاته الصيد كالحلال فإن أكل ما ذبحه لم يضمن بالأكل لأن ما ضمنه بالقتل لم يضمنه بالأكل كشاة الغير ويحرم عليه أن يشتري الصيد أو يهبه لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمار وحش فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم" ولأنه سبب يتملك به الصيد فلم يتملك به مع الإحرام كالاصطياد فإن مات من يرثه وله صيد ففيه وجهان: أحدهما لا يرثه لأنه سبب للملك فلا يملك به الصيد كالبيع والهبة والثاني أنه يرثه لأنه يدخل في ملكه بغير قصده ويملك به الصبي والمجنون فجاز أن يملك به المحرم الصيد وإن كان في ملكه
١ رواه أبو داود في كتاب المناسك باب ٤٠. الترمذي في كتاب الحج باب ٢٥. النسائي في كتاب المناسك باب ٨١. أحمد في مسنده "٣/٣٦٢".