صيد فأحرم ففيه قولان: أحدهما لا يزول ملكه عنه لأنه ملك فلا يزول بالاحرام كملك البضع والثاني يزول عنه لأنه معنى لا يراد للبقاء يحرم على المحرم ابتداؤه فحرمت استدامته كلبس المخيط فإن قلنا إنه لا يزول ملكه جاز له بيعه وهبته ولا يجوز له قتله فإن قتله وجب عليه الجزاء لأن الجزاء كفارة تجب لله تعالى فجاز أن تجب على مالكه ككفارة القتل وإن قلنا يزول ملكه وجب عليه إرساله فإن لم يرسله حتى مات ضمنه بالجزاء وإن لم يرسله حتى تحلل ففيه وجهان: أحدهما يعود إلى ملكه ويسقط عنه فرض الإرسال لأن علة زوال الملك هو الإحرام وقد زال فعاد الملك كالعصير إذا صار خمراً ثم صار خلاً والثاني أنه لا يعود إلى ملكه ويلزمه إرساله لأن يده متعدية فوجب أن يزيلها.
فصل: وإن كان الصيد غير مأكول نظرت فإن كان متولداً مما يؤكل ومما لا يؤكل كالسبع المتولد بين الذئب والضبع والحمار المتولد بين حمار الوحش وحمار الأهل فحكمه حكم ما يؤكل في تحريم صيده ووجوب الجزاء لأنه اجتمع فيه جهة التحليل والتحريم فغلب التحريم كما غلب جهة التحريم في أكله وإن كان حيواناً لا يؤكل ولا هو متولد مما يؤكل فالحلال والحرام فيه واحد لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً}[المائدة:٩٦] فحرم من الصيد ما يحرم بالإحرام وهذا لا يكون إلا فيما يؤكل وهل يكره قتله أو لا يكره ينظر فيه فإن كان مما يضر ولا ينفع كالذئب والأسد والحية والعقرب والفأرة والحدأة والغراب والكلب العقور والبق والبرغوث والقمل والجرجس والزنبور فالمستحب أن يقتله لأنه يدفع ضرره عن نفسه وعن غيره وإن كان مما ينتفع به ويستضر به كالفهد والبازي فلا يستحب قتله لما فيه من المنفعة ولا يكره لما فيه من المضرة وإن كان مما لا يضر ولا ينفع كالخنافس والجعلان وبنات وردان فإنه يكره قتله ولا يحرم.
فصل: وإن كان الصيد وما حرم على المحرم من الصيد حرم عليه بيضه وإذا كسره وجب عليه الجزاء وقال المزني: لا جزاء عليه لأنه لا روح فيه والدليل عليه ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعامة يصيبه المحرم ثمنه ولأنه خارج من الصيد يخلق منه مثله فضمن بالجزاء كالفرخ وإن كسر بيضاً لم يحل له أكله وهل يحل لغيره؟ فيه قولان كالصيد وقال شيخنا القاضي أبو الطيب: في تحريمه على غيره نظر لأنه لا روح فيه فلا يحتاج إلى ذكاة وإن كسر بيضاً مذراً لم يضمنه من غير النعامة لأنه لا قيمة له ويضمنه من النعامة لأن لقشر بيض النعامة قيمة.