للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يأمره بالفدية فدل على أن الجاهل لا فدية عليه فإذا ثبت هذا في الجاهل ثبت في الناسي لأن الناسي يفعل وهو يجهل تحريمه عليه فإن ذكر ما فعله ناسياً أو علم ما فعله جاهلاً نزع اللباس وأزال الطيب لحديث يعلى بن أمية فإن لم يقدر على إزالة الطيب لم تلزمه الفدية لأنه مضطر إلى تركه فلم تلزمه فدية كما لو أكره على التطيب وإن قدر على إزالته واستدام لزمته الفدية لأنه تطيب من غير عذر فأشبه إذا ابتدأ به وهو عالم بالتحريم وإن مس طيباً وهو يظن أنه يابس وكان رطباً ففيه قولان: أحدهما تلزمه الفدية لأنه قصد مس الطيب والثاني لا تلزمه لأنه جهل تحريمه فأشبه إذا جهل تحريم الطيب في الإحرام فإن حلق الشعر أو قلم الظفر ناسياً أو جاهلاً بالتحريم فالمنصوص أنه تجب عليه الفدية لأنه إتلاف فاستوى في ضمانه العمد والسهو كإتلاف مال الآدمي وفيه قول آخر مخرج إنه لا تجب لأنه ترفه وزينة فاختلف في فديته السهو والعمد كالطيب وإن قتل صيداً ناسياً أو جاهلاً بالتحريم وجب عليه الجزاء لأن ضمانه ضمان مال فاستوى فيه السهو والعمد والعلم والجهل كضمان مال الآدميين وإن أحرم ثم جن وقتل صيداً ففيه قولان: أحدهما يجب عليه الجزاء لما ذكرناه والثاني لا يجب لأن المنع من قتل الصيد تعبد والجنون ليس من أهل التعبد فلا يلزمه ضمان ومن أصحابنا من نقل هذين القولين إلى الناسي وليس بشيء وإن جامع ناسياً أو جاهلاً بالتحريم ففيه قولان: قال في الجديد لا يفسد حجه ولا يلزمه شيء لأنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة فاختلف في الوطء فيها العمد والسهو كالصوم وقال في القديم يفسد حجه وتلزمه الكفارة لأنه معنى يتعلق به قضاء الحج فاستوى فيه العمد والسهو كالفوات وإن حلق رجل رأسه فإن كان بإذنه وجبت عليه الفدية لأنه أزال شعره بسبب لا عذر له فيه فأشبه إذا حلقه بنفسه وإن حلقه وهو نائم أو مكره وجبت الفدية وعلى من تجب؟ فيه قولان: أحدهما تجب على الحالق لأنه أمانة عنده فإذا أتلفه غيره وجب الضمان على من أتلفه كالوديعة إذا أتلفها غاصب والثاني تجب على المحلوق لأنه هو الذي ترفه بالحلق فكانت الفدية عليه فإذا قلنا تجب الفدية على الحالق فالمحلوق مطالبته بإخراجها لأنها تجب بسببه فإن مات الحالق أو أعسر بالفدية لم تجب على المحلوق الفدية وإن قلنا تجب على المحلوق أخذها من الحالق وأخرج وإن افتدى المحلوق نظرت فإن افتدى بالمال رجع بأقل الأمرين من الشاة أو ثلاثة آصع فإن أداها بالصوم لم يرجع عليه لأنه لا يمكن الرجوع به ومن أصحابنا من قال يرجع بثلاثة أمداد لأن صوم كل يوم مقدر بمد وإن حلق رأسه وهو ساكت ففيه طريقان: أحدهما أنه كالنائم والمكره لأن السكوت لا يجري مجرى الإذن والدليل عليه هو أنه لو أتلف رجل ماله وسكت لم يكن سكوته إذناً في إتلافه والثاني أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>