للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة ما لو أذن فيه لأنه يلزمه حفظه والمنع من حلقه فإذا لم يفعل جعل سكوته كالإذن فيه كالمودع إذا سكت عن إتلاف الوديعة.

فصل: ويكره للمحرم أن يحك شعره بأظافره حتى لا ينتثر شعره فإن انتثر منه شعره لزمته الفدية ويكره أن يفلي رأسه ولحيته فإن فلى وقتل قملة استحب له أن يفديها قال الشافعي رحمه الله: وأي شيء فداها به فهو خير منها فإن ظهر القمل على بدنه وثيابه لم يكره أن ينحيه لأنه ألجأه إليه ويكره أن يكتحل بما لا طيب فيه لأنه زينة والحاج أشعث أغبر فإن احتاج إليه لم يكره لأنه إذا لم يكره ما يحرم من الحلق والطيب للحاجة فلأن لا يكره ما لا حرم أولى ويجوز أن يدخل الحمام ويغتسل بالماء لما روى أبو أيوب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم ويجوز أن يغسل شعره بالماء والسدر لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي خر من بعيره: "اغسلوا بماء وسدر" ويجوز أن يحتجم ما لم يقطع شعرا لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ويجوز أن يفتصد أيضاً كما يجوز أن يحتجم ويجوز أن يستظل سائراً ونازلاً لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقبة من شعر أن تضرب له بنمرة فإذا ثبت جواز ذلك بالحرم نازلاً وجب أن يجوز سائراً قياساً عليه ويكره أن يلبس الثياب المصبغة لما روي أن عمر رضي الله عنه رأى على طلحة رضي الله عنه ثوبين مصبوغين وهو حرام فقال: أيها الرهط أنتم أئمة يقتدى بكم ولو أن جاهلاً رأى عليك ثوبيك لقال قد كان طلحة يلبس الثياب المصبغة وهو محرم فلا يلبس أحدكم من هذه الثياب المصبغة في الإحرام شيئاً ويكره أن يحمل بازاً أو كلباً معلماً لأنه ينفر به الصيد وربما انفلت فقتل صيداً وينبغي أن ينزه إحرامه عن الخصومة والشتم والكلام القبيح لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:١٩٧] قال ابن عباس: الفسوق المنابزة بالألقاب وتقول لأخيك يا ظالم يا فاسق والجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حج لله عز وجل فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمه١" وبالله التوفيق.


١ رواه البخاري في كتاب الحج باب٤. مسلم في كتاب الحج حديث ٤٣٨. الترمذي في كتاب الحج باب ٢. الدارمي في كتاب المناسك باب ٧. أحمد في مسنده "٢/٢٢٩، ٢٤٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>