للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: "اغتسلوا منه وتوضئوا به فإنه الطهور ماؤه الحل ميتته١" ولأنه حيوان لا يعيش إلا في الماء فحل أكله كالسمك والثاني أن ما أكل مثله في البر يحل أكله وما لا يؤكل مثله في البر لم يحل أكله اعتباراً بمثله.

فصل: وأما غير الحيوان فضربان: طاهر ونجس فأما النجس فلا يؤكل لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} والنجس خبيث وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة تقع في السمن: "إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فأريقوه٢" فلو حل أكله لم يأمر بإراقته وأما الطاهر فضربان: ضرب يضر وضرب لا يضر فما يضر لا يحل أكله كالسم والزجاج والتراب والحجر والدليل عليه قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:٢٩] وقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:١٩٥] وأكل هذه الأشياء تهلكه فوجب أن لا يحل وما لا يضر يحل أكله كالفواكه والحبوب والدليل عليه قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:٣٢] .

فصل: ومن اضطر إلى أكل الميتة أو لحم الخنزير فله أن يأكل منه ما يسد به الرمق لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:١٧٣] وهل يجب أكله في وجهان: أحدهما يجب لقوله تعالى: {لا تقتلوا أنفسكم} والثاني لا يجب وهو قول أبي إسحاق لأن له غرضاً في تركه وهو أن يجتنب ما حرم عليه وهل يجوز أن يشبع منه؟ فيه قولان: أحدهما لا يجوز وهو اختيار المزني لأنه بعد سد الرمق غير مضطر فلا يجوز له أكل الميتة كما لو أراد أن يبتديء بالأكل وهو غير مضطر والثاني يحل لأن كل طعام جاز أن يأكل منه قدر سد الرمق جاز له أن يشبع منه كالطعام الحلال وإن اضطر إلى طعام غيره وصاحبه غير مضطر إليه وجب عليه بذله لأن الامتناع من بذله إعانة على قتله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة


١ رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب ٤١. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٥٢. النسائي في كتاب الطهارة باب ٤٦. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ٣٨. الدارمي في كتاب الوضوء باب ٥٣.
٢ رواه أبو داود في كتاب الأطعمة باب ٤٧. البخاري في كتاب الذبائح باب ٣٤. الترمذي في كتاب الأطعمة باب ٨. أحمد في مسنده "٢/٢٣٣" "٦/٢٣٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>