للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله١" وإن طلب منه ثمن المثل لزمه أن يشتريه منه ولا يجوز أن يأكل الميتة لأنه غير مضطر فإن طلب أكثر من ثمن المثل أو امتنع من بذله فله أن يقاتله عليه فإن لم يقدر على مقاتلته فاشترى منه بأكثر من ثمن المثل ففيه وجهان: أحدهما يلزمه لأنه ثمن في بيع صحيح والثاني لا يلزمه إلا ثمن المثل كالمكره على شرائه فلم يلزمه أكثر من ثمن المثل وإن وجد الميتة وطاعم الغير وصاحبه غائب ففيه وجهان: أحدهما أنه يأكل الطعام لأنه طاهر فكان أولى والثاني يأكل الميتة لأن أكل الميتة ثبت بالنص وطعام الغير ثبت بالاجتهاد فقدم أكل الميتة عليه ولأن المنع من أكل الميتة لحق الله سبحانه وتعالى والمنع من طعام الغير لحق الآدمي وحقوق الله تعالى مبنية على التسهيل وحقوق الآدمي مبنية على التشديد وإن وجد ميتة وصيداً وهو محرم ففيه طريقان: من أصحابنا من قال: إذا قلنا إنه إذا ذبح المحرم الصيد صار ميتة أكل الميتة وترك الصيد لأنه إذا ذكاه صار ميتة ولزمه الجزاء وإن قلنا إنه لا يصير ميتة أكل الصيد لأنه طاهر ولأن تحريمه أخف لأنه يحرم عليه وحده والميتة محرمة عليه وعلى غيره ومن أصحابنا من قال: إن قلنا إنه يصير ميتة أكل الميتة وإن قلنا إنه لا يكون ميتة ففيه قولان: أحدهما يذبح الصيد ويأكله لأنه طاهر ولأن تحريمه أخف على ما ذكرناه والثاني أنه يأكل الميتة لأنه منصوص عليها والصيد مجتهد فيه وإن اضطر ووجد آدمياً ميتاً جاز له أكله لأن حرمة الحي آكد من حرمة الميت وإن وجد مرتداً أو من وجب قتله في الزنا جاز له أن يأكله لأن قتله مستحق وإن اضطر ولم يجد شيئاً فهل يجوز له أن يقطع شيئاً من بدنه ويأكله؟ فيه وجهان: قال أبو إسحاق: يجوز لأنه إحياء نفس بعضو فجاز كما يجوز أن يقطع عضواً إذا وقعت فيه الأكلة لإحياء نفسه ومن أصحابنا من قال: لا يجوز لأنه إذا قطع عضواً منه كان المخافة عليه أكثر وإن اضطر إلى شرب الخمر أو البول شرب البول لأن تحريم الخمر أغلظ ولهذا يتعلق به الحد فكان البول أولى وإن اضطر إلى شرب الخمر وحدها ففيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه لا يجوز أن يشرب لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم٢" والثاني يجوز لأنه يدفع به الضرر عن نفسه فصار كما لو أكره على شربها والثالث أنه إن اضطر إلى شربها للعطش لم يجز لأنها تزيد في الإلهاب


١ رواه ابن ماجه في كتاب الديات باب ١.
٢ رواه البخاري في كتاب الأشربة باب ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>