للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسعود وأبو هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "نهى عن ثمن الكلب" فنص على الكلب والخنزير والخمر والميتة وقسنا عليها سائر الأعيان النجسة فأما اقتناؤها فينظر فيه فإن لم يكن فيها منفعة مباحة كالخمر والخنزير والميتة العذرة لم يجز اقتناؤها لما روى أنس قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تصنع خلاً فكرهه وقال: "اهرقها" ولأن اقتناء ما لا منفعة فيه سفه فلم يجز فإن كان فيه منفعة مباحة كالكلب جاز اقتناؤه للصيد والماشية والزرع لما روى سالم عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان١" وفي حديث أبو هريرة: "إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع" ولأن الحاجة تدعو إلى الكلب في هذه المواضع فجاز اقتناؤه وهل يجوز اقتناؤه لحفظ الدروب؟ فيه وجهان: أحدهما يجوز للخبر والثاني يجوز لأنه حفظ مال فأشبه الزرع والماشية وهل يجوز لمن لا يصطاد أن يقتنيه ليصطاد به إذا أراد؟ فيه وجهان: أحدهما يجوز للخبر والثاني لا يجوز لأنه لا حاجة به إليه وهل يجوز اقتناء الجرو للصيد والزرع والماشية فيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأنه ليس فيه منفعة يحتاج إليها والثاني يجوز لأنه إذا جاز اقتناه للصيد جاز اقتناؤه لتعليم ذلك وأما السرجين فإنه يكره اقتناؤه وتربية الزرع به لما فيه من مباشرة النجاسة وأما النجس بملاقاة النجاسة فهو الأعيان الطاهرة إذا أصابتها نجاسة فينظر فيها فإن كان جامداً كالثوب وغيره جاز بيعه لأن البيع يتناول الثوب وهو طاهر وإنما جاورته نجاسة وإن كان مائعاً نظرت فإن كان مما لا يطهر كالخل والدبس لم يجز بيعه لأنه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة فلم يجز بيعه كالأعيان النجسة وإن كان ماء ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز بيعه لأنه نجس لا يطهر بالغسل فلم يجز بيعه كالخمر والثاني يجوز بيعه لأنه يطهر بالماء فأشبه الثوب فإن كان دهناً فهل يطهر بالغسل؟ فيه وجهان: أحدهما لا يطهر لأن لا يمكن عصره من النجاسة فلم يطهر كالخل والثاني يطهر لأنه يمكن غسله بالماء فهو كالثوب فإن قلنا لا يطهر لم يجز بيعه كالخل وإن قلنا يطهر ففي بيعه وجهان كالماء النجس ويجوز استعماله في السراج والأولى أن لا يفعل لما فيه من مباشرة النجاسة.

فصل: وأما الأعيان الطاهرة فضربان: ضرب لا منفعة فيه وضرب فيه منفعة فأما


١ رواه البخاري في كتاب الذبائح باب ٦.مسلم في كتاب المساقاة حديث ٥١- ٦٠. الترمذي في كتاب الصيد باب ١٧. النسائي في كتاب الصيد باب ١٢،١٣. الموطأ في كتاب الإستئذان حديث ١٣. أحمد في مسنده "٢/٤، ٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>