ما لا منفعة فيه فهو كالحشرات والسباع التي لا تصلح للاصطياد والطيور التي لا تؤكل ولا تصطاد كالرخمة والحدأة وما يؤكل من الغراب فلا يجوز بيعه لأن ما لا منفعة فيه لا قيمة له فأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل وبذل العوض فيه من السفه واختلف أصحابنا في بيع دار لا طريق لها أو بيع بيت من دار لا طريق إليه فمنهم من قال لا يصح لأنه لا يمكن الانتفاع به فلم يصح بيعه ومنهم من قال يصح لأنه يمكن أن يحصل له طريق فينتفع به فيصح بيعه وأما مافيه منفعة فلايجوز بيع الحر منه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال ربكم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره" ولايجوز بيع أم الولد لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الأولاد ولأنه استقر لها حق الحرية وفي بيعها إبطال ذلك فلم يجز ويجوز بيع المدبر لما روى جابر رضي الله عنه أن رجلاً دبر غلاماً له ليس له مال غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتريه منه فاشتراه نعيم" ويجوز بيع المعتق بصفة لأنه ثبت له العتق بقول السيد وحده فجاز بيعه كالمدبر وفي المكاتب قولان: قال في القديم يجوز بيعه لأن عتقه غير مستقر فلا يمنع من البيع وقال في الجديد لايجوز لأنه كالخارج من ملكه ولهذا لا يرجع أرش الجناية عليه إليه فلم يملك بيعه كما لو باعه ولايجوز بيع الوقف لما روى ابن عمر رضي الله عنه قال أصاب عمر رضي الله عنه أرضا بخيبر فأتى البني صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: "إن شئت حبست أصله وتصدقت بها" قال: فتصدق بها عمر صدقة لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث.
فصل: ويجوز بيع ما سوى ذلك من الأعيان المنتفع بها من المأكول والمشروب والملبوس والمشموم وما ينتفع به من الحيوان بالركوب والأكل والدر والنسل والصيد والصوف وما يقتنيه الناس من العبيد والجواري والأراضي والعقار لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على بيعها من غير إنكار ولا فرق بين ما كان في الحرم من الدور