فصل: ولا يباع رطبه بيابسه على الأرض لما روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: "أينقص الرطب إذا يبس" فقيل له نعم قال: "فلا". فنهى عن بيع الرطب بالتمر وجعل العلة فيه أنه ينقص عن يابسه فدل على أن كل رطب لا يجوز بيعه بيابسه وأما بيع رطبه برطبه فينظر فيه فإن كان ذلك مما يدخر يابسه كالرطب والعنب ولم يجز بيع رطبه برطبه وقال المزني يجوز لأن معظم منافعه في حال رطوبته فجاز بيع بعضه ببعض كالبن والدليل على أنه لا يجوز أنه لا يعلم التماثل بينهما في حال الكمال والادخار فلم يجز بيع أحدهما بالآخر كالتمر بالتمر جزافاً ويخالف اللبن فإن كماله في حال رطوبته لأنه يصلح لكل ما يراد به الكمال في الرطب والعنب في حال يبوسته لأنه يعمل منه كل ما يراد منه ويصلح للبقاء والادخار وإن كان مما لا يدخر يابسه كسائر الفواكه ففيه قولان: أحدهما لا يجوز لأنه جنس فيه رباً فلم يجز بيع رطبه برطبه كالرطب والعنب والثاني أنه يجوز لأن معظم منافعه في حال رطوبته فجاز بيع رطبه برطبه كاللبن وفي الرطب الذي لا يجيء منه التمر والعنب الذي لا يجيء منه الزبيب طريقان: أحدهما أنه لا يجوز بيع بعضه ببعض لأن الغالب منه أنه يدخر يابسه وما لا يدخر منه نادر فألحق بالغالب والثاني وهو قول أبي العباس إنه على قولين لأن معظم منفعته في حال رطوبته فكان على قولين كسائر الفواكه وفي بيع اللحم الطري باللحم الطري طريقان: أحدهما وهو المنصوص إنه لا يجوز لأنه يدخر يابسه فلم يجز بيع رطبه برطبه كالرطب والعنب والثاني وهو قول أبي العباس إنه على قولين لأن معظم منفعته في حال رطوبته فصار كالفواكه فإن باع منه ما فيه نداوة يسيرة بمثله كالتمر الحديث بعضه ببعض جاز بلا خلاف لأن ذلك لا يظهر في الكيل وإن كان مما يوزن كاللحم لم يجز لأنه يظهر في الوزن.
فصل: وأما العرايا وهو بيع الرطب على النخل بالتمر على الأرض خرصاً فإنه يجوز للفقراء فيخرص ما على النخل من الرطب وما يجيء منه من التمر إذا جف ثم يبيع ذلك بمثله تمراً ويسلمه إليه قبل التفرق والدليل عليه ماروى محمود بي لبيد قال: