يكلف نقله حتى يسكن المطر والعادة في قطع الثمار ما ذكرناه فلا يكلف القطع قبله.
فصل: فإن أصاب النخل عطش وخاف أن تشرب الثمرة الماء من أصل النخل فيهلك ففيه قولان: أحدهما لا يكلف البائع قطع الثمرة لأن المشتري دخل في العقد على أن يترك الثمار إلى الجداد فلزمه تركه والثاني أنه يكلف قطعه لأن المشتري إنما رضي بذلك إذا لم يضر به فإذا أضر به لم يلزمه تركه فإن احتاج أحدهما إلى سقي ماله ولم يكن على الآخر ضرر جاز له أن يسقيه لأنه إصلاح لما له من غير إضرار بأحد فجاز وإن كان على الآخر ضرر في السقي وتشاحا ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: يفسخ العقد لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر في الأضرار فوجب أن يفسخ وقال أبو علي بن أبي هريرة يجبر الممتنع منهما لأنه حين دخل في العقد رضي بدخول الضرر عليه لأنه يعلم أنه لا بد من السقي ويجب أجرة السقي على من يسقي لأن منفعته تحصل له.
فصل: ولا يجوز بيع الثمار والزرع قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وروى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تزهى والسنبل والزرع حتى يبيض ويأمن العاهة ولأن المبيع إنما ينقل على حسب العادة ولهذا لو اشترى بالليل متاعاً لم يكلف نقله حتى يصبح والعادة في الثمار تركها إلى أوان الجداد فإذا باعها قبل بدو الصلاح لم يأمن أن يصيبها عاهة فتتلف وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز وإن باعها بشرط القطع جاز لأنه يأخذه قبل أن يتلف فيأمن الغرر وإن باع الثمرة مع الأصل والزرع مع الأرض قبل بدو الصلاح جاز لأن حكم الغرر مع الأصل كالغرر في الحمل يسقط حكمه إذا بيع مع الأصل وإن باع الثمرة ممن يملك الأصل أو الزرع ممن يملك الأرض ففيه وجهان: أحدهما يصح لأنه يحصل لمالك الأصل فجاز كما لو باعها مع الشجر والأرض والثاني لا يصح لأن أفرده بالبيع قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع فأشبه إذا باعها من غير مالك الأصل وإن بدا صلاحها جاز بيعها بشرط القطع لحديث ابن عمر رضي الله عنه ولأنه إذا جاز بيعه بشرط القطع قبل بدو الصلاح فلأن يجوز بعد بدو الصلاح أولى ويجوز بيعها مطلقاً للخبر ولأنه أمن من العاهة فجاز بيعها مطلقاً كسائر الأموال ويجوز بيعها بشرط التبقية إلى الجداد للخبر ولأن إطلاق البيع يقتضي التبقية إلى أوان الجداد فإذا شرط التبقية فقد شرط ما يقتضيه الإطلاق فجاز.