فصل: وبدو الصلاح في الثمار أن يطيب أكلها فإن كان رطباً أن يحمر أو يصفر وإن كان عنباً أسود بأن يتموه وإن كان أبيض بأن يرق ويحلو وإن كان زرعاً بأن يشتد وإن كان بطيخاً بأن يبدو فيه النضج وإن كان قثاء أن يكبر بحيث يؤخذ ويؤكل والدليل عليه ما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم فإن وجد بدو الصلاح في بعض الجنس من حائط جاز بيع ذلك الجنس كله في ذلك الحائط لأنا لو قلنا لا يجوز إلا فيما بدا صلاحه فيه أدى إلى المشقة والضرر بسوء المشاركة ولا يجوز أن يبيع ما لم يبد فيه الصلاح من جنس آخر ولا ما لم يبد فيه الصلاح من ذلك الجنس من حائط آخر لأن المنع من ذلك لا يؤدي إلى الضرر بسوء المشاركة فإن بدا الصلاح في بعض الجنس في حائط فباع منه ما لم يبد فيه الصلاح مفرداً من غير شرط القطع ففيه وجهان: أحدهما يجوز لأنا جعلناه في حكم ما بدا فيه الصلاح فجاز إفراده بالبيع والثاني لا يجوز لأنه جعل في حكم ما بدا فيه الصلاح بيعاً لما بدا فيه الصلاح وما أجيز بيعه تبعاً لغيره لم يجز إفراده بالبيع كالحمل.
فصل: إذا ابتاع زرعاً أو ثمرة بعد بدو الصلاح لم يكلف قطعه قبل أوان الحصاد والجداد لأن العادة فيها تركها إلى الحصاد والجداد فلم يكلف نقله قبله كما نقول فيمن اشترى متاعاً بالليل إنه لا يكلف نقله إلا بالنهار فإذا احتاجت الثمرة أو الزرع إلى السقي لزم البائع ذلك لأنه يجب عليه تسليمها في حال الجداد والحصاد وذلك لا يحصل إلا بالسقي فلزمه.
فصل: وإذا اشترى ثمرة على الشجر فلم يأخذ حتى حدث ثمرة أخرى واختلطت ولم تتميز أو اشترى حنطة فلم يقبض حتى انثالت عليها حنطة أخرى ففيه قولان: أحدهما ينفسخ البيع وهو الصحيح لأنه تعذر التسليم المستحق بالعقد فإن البائع لا يلزمه تسليم ما اختلط به من ماله فإن رضي البائع بتسليم ماله لم يلزم المشتري قبوله وإذا تعذر تسليم المعقود عليه بطل العقد كما لو تلف المبيع والثاني لا ينفسخ لأن المبيع باق وإنما انضاف إليه زيادة فصار كما لو باع عبداً فسمن أو شجرة فكبرت فإن قلنا لا ينفسخ