الأصل أنه لم يقبض جميعه والثاني أن القول قول البائع لأن العادة فيمن يقبض حقه بالكيل أن يستوفي جميعه فجعل القول قول البائع.
فصل: إذا باعه سلعة بثمن في الذمة ثم اختلفا فقال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن وقال المشتري لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال فيه ثلاثة أقوال: أحدهما يجبر البائع على إحضار المبيع والمشتري على إحضار الثمن ثم يسلم إلى كل واحد منهما ما له دفعة واحدة لأن التسليم واجب على كل واحد منهما فإذا امتنعا أجبرا كما لو كان لأحدهما على الآخر دراهم وللآخر عليه دنانير والثاني لا يجبر واحد منهما بل يقال من يسلم منكما ما عليه أجبر الآخر على تسليم ما عليه لأن على كل واحد منهما حقاً في مقابلة حق له فإذا تمانعا لم يجبر واحد منهما كما لو نكل المدعي عليه فردت اليمين على المدعي فنكل والثالث أنه يجبر البائع على تسليم المبيع ثم يجبر المشتري وهو الصحيح لأن حق المشتري متعلق بعين وحق البائع في الذمة فقدم ما تعلق بعين كأرش الجناية مع غيرها من الديون ولأن البائع يتصرف في الثمن في الذمة فوجب أن يجبر البائع على التسليم ليتصرف المشتري في المبيع ومن أصحابنا من قال المسألة على قول واحد وهو أن يجبر البائع على تسليم المبيع كما ذكرناه وما سواه من الأقوال ذكره الشافعي عن غيره ولم يختره فعلى هذا ينظر فيه فإن كان المشتري موسراً نظرت فإن كان ماله حاضراً أجبر على تسليمه في الحال وإن كان في داره أو دكانه حجر عليه في المبيع وفي سائر أمواله إلى أن يدفع الثمن لأنه إذا لم يحجر عليه لم نأمن أن يتصرف فيه فيضر بالبائع وإن كان غائباً منه على مسافة يقصر فيها الصلاة فللبائع أن يفسخ البيع ويرجع إلى عين ماله لأن عليه ضرراً في تأخير الثمن فجاز له الرجوع إلى عين ماله كما لو أفلس المشتري وإن كان على مسافة لا تقصر فيها الصلاة ففيه وجهان: أحدهما ليس له أن يختار عين ماله لأنه في حكم الحاضر والثاني له أن يختار عين ماله لأنه يخاف عليه الهلاك فيما قرب كما يخاف عليه فيما بعد وإن كان المشتري معسراً ففيه وجهان: أحدهما تباع السلعة ويقضى دينه من ثمنها والمنصوص أنه يرجع إلى عين ماله لأنه تعذر الثمن بالإعسار فثبت له الرجوع إلى عين ماله كما لو أفلس بالثمن وإن كان الثمن معيناً ففيه قولان: أحدهما يجبران والثاني لا يجبر واحد