منهما ويقسط القول الثالث أنه يجبر البائع لأن الثمن المعين كالمبيع في تعلق الحق بالعين والمنع من التصرف فيه قبل القبض.
فصل: وإن باع من رجل عيناً فأحضر المشتري نصف الثمن ففيه وجهان: أحدهما لا يجبر البائع على تسليم شيء من المبيع لأنه محبوس بدين فلا يسلم شيء منه بحضور بعد الدين كالرهن والثاني أنه يجبر على تسليم نصف المبيع لأن كل واحد منهما عوض عن الآخر وكل جزء من المبيع في مقابلة جزء من الثمن فإذا سلم بعض الثمن وجب تسليم ما في مقابلته ويخالف الرهن في الدين فإن الرهن ليس بعوض من الدين وإنما هو وثيقة به فجاز له حبسه إلى أن يستوفي جميع الدين وإن باع من اثنين عبداً بثمن فأحضر أحدهما نصف الثمن وجب تسليم حصته إليه لأنه أحضر جميع ما عليه من الثمن فوجب تسليم ما في مقابلته من المبيع كما لو اشترى عيناً وأحضر ثمنها والله أعلم.
فصل: إذا تلف المبيع في يد البائع قبل التسليم لم يخل إما أن يكون ثمرة أو غيرها فإن كان غير الثمرة نطرت فإن كان تلفه بآفة سماوية انفسخ البيع لأنه فات التسليم المستحق بالعقد فانفسخ البيع كما لو اصطرفا وتفرقا قبل القبض فإن كان المبيع عبداً فذهبت يده بآكلة فالمبتاع بالخيار بين أن يرد وبين أن يمسك فإن اختار الرد رجع بجميع الثمن وإن اختار الإمساك أمسك بجميع الثمن لأن الثمن لا ينقسم على الأعضاء فلم يسقط بتلفها شيء من الثمن وإن أتلفه أجنبي ففيه قولان: أحدهما أنه ينفسخ البيع لأنه فات التسليم المستحق بالعقد فانفسخ البيع كما لو تلف بآفة سماوية والثاني أن المشتري بالخيار بين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن وبين أن يقر البيع ويرجع عن الأجنبي بالقيمة لأن القيمة عوض عن المبيع فقامت مقامه في القبض فإن كان عبداً فقطع الأجنبي يده فهو بالخيار بين أن يفسخ ويرجع بالثمن وبين أن يجيزه ويرجع على الجاني بنصف قيمته فإن أتلفه البائع ففيه طريقان: قال أبو العباس فيه قولان كالأجنبي وقال أكثر أصحابنا ينفسخ قولاً واحداً لأنه لا يمكن الرجوع على البائع بالقيمة لأن المبيع مضمون عليه بالثمن فلا يجوز أن يكون مضموناً عليه بالقيمة بخلاف الأجنبي فإن المبيع غير مضمون عليه بالثمن فجاز أن يضمنه بالقيمة فإن كان عبداً فقطع البائع يده ففيه وجهان: قال أبو العباس المبتاع بالخيار إن شاء فسخ البيع ورجع بالثمن وإن شاء أجازه ورجع على البائع بنصف القيمة وقال أكثر أصحابنا هو بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أجازه ولا شيء له لأنه جزء من المبيع فلا يضمنه البائع بالقيمة قبل القبض كما لو