للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا يجوز رهن مال الغير بغير إذنه لأنه لا يقدر على تسليمه ولا على بيعه في الدين فلم يجز رهنه كالطير الطائر والعبد الآبق فإن كان في يده مال لمن يرثه وهو يظن أنه حي فباعه أو رهنه ثم بان أنه قد مات قبل العقد فالمنصوص أن العقد باطل لأنه عقد وهو لاعب فلم يصح ومن أصحابنا من قال: يصح لأنه صادف ملكه فأشبه إذا عقد وهو يعلم أنه ميت.

فصل: وإن رهن مبيعاً لم يقبضه نظرت فإن رهنه قبل أن ينقد ثمنه لم يصح الرهن لأنه محبوس بالثمن فلا يملك رهنه كالمرهون فإن رهنه بعد نقد الثمن ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلم يصح في المبيع قبل القبض كالبيع والثاني يصح وهو المذهب لأن الرهن لا يقتضي الضمان فجاز فيما لم يدخل في ضمانه بخلاف البيع.

فصل: وفي رهن الدين وجهان: أحدهما يجوز لأنه يجوز بيعه فجاز رهنه كالعين والثاني لا يجوز لأنه لا يدري هل يعطيه أم لا وذلك غرر من غير حاجة فمنع صحة العقد.

فصل: ولا يجوز رهن المرهون من غير إذن المرتهن لأن ما استحق بعقد لازم لا يجوز أن يعقد عليه مثله من غير إذن من له الحق كبيع ما باعه وإجارة ما أجره وهل يجوز رهنه بدين آخر عند المرتهن فيه قولان: قال في القديم يجوز وهو اختيار المزني لأنه إذا جاز أن يكون مرهوناً بألف ثم يصير مرهوناً بخمسمائة جاز أن يكون مرهوناً بخمسمائة ثم يصير مرهوناً بألف وقال في الجديد لا يجوز لأنه رهن مستحق بدين فلا يجوز رهنه بغيره كما لو رهنه عند غير المرتهن فإن جنى العبد المرهون ففداه المرتهن وشرط على الرهن أن يكون رهناً بالدين والأرش ففيه طريقان: من أصحابنا من قال هو على القولين ومنهم من قال: يصح ذلك قولاً واحداً والفرق بين الأرش وبين سائر الديون أن الأرش متعلق بالرقبة فإذا رهنه به فقد علق بالرقبة ما كان متعلقاً بها وغيره لم يكن متعلقاً بالرقبة فلم يجز رهنه به ولأن في الرهن بالأرش مصلحة للراهن في حفظ ماله وللمرتهن في حفظ وثيقته وليس في رهنه بدين آخر مصلحة ويجوز للمصلحة ما لا يجوز لغيرها والدليل عليه أنه يجوز أن يفتدي للعبد بقيمته في الجناية ليبقى عليه وإن كان لا يجوز أن يشتري ماله بماله.

فصل: وفي رهن العبد الجاني قولان واختلف أصحابنا في موضع القولين على ثلاث طرق: فمنهم من قال القولان في العمد فأما في جناية الخطأ فلا يجوز قولاً واحداً

<<  <  ج: ص:  >  >>