ومنهم من قال القولان في جناية الخطأ فأما في جناية العمد فيجوز قولاً واحداً ومنهم من قال القولان في الجميع وقد بينا وجوههما في البيع.
فصل: ولا يجوز رهن ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والطير الطائر لأنه لا يمكن تسليمه ولا بيعه في الدين فلم يصح رهنه.
فصل: وما لا يجوز بيعه من المجهول لا يجوز رهنه لأن الصفات مقصودة في الرهن للوفاء بالدين كما أنها مقصودة في البيع للوفاء بلا ثمن فإذا لم يجز بيع المجهول وجب أن لا يجوز رهن المجهول.
فصل: وفي رهن الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع قولان: أحدهما لا يصح لأنه عقد لا يصح فيما لا يقدر على تسليمه فلم يجز في الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع كالبيع والثاني أنه يصح لأنه إن كان بدين حال فمقتضاه أن تؤخذ لتباع فيأمن أن تهلك بالعاهة وإن كان بدين مؤجل فتلفت الثمرة لم يسقط دينه وإنما تبطل وثيقته والغرر في بطلان الوثيقة مع بقاء الدين قليل فجاز بخلاف البيع فإن العادة فيه أن يترك إلى أوان الجذاذ فلا يأمن أن يهلك بعاهة فيذهب الثمن ولا يحصل المبيع فيعظم الضرر فلم يجز من غير شرط القطع.
فصل: وإن كان له أصول تحمل في السنة مرة بعد أخرى كالتين والقثاء فرهن الحمل الظاهر فإن كان بدين يستحق فيه بيع الرهن قبل أن يحدث الحمل الثاني ويختلط به جاز لأنه يأمن الغرر بالاختلاط وإن كان بدين لا يستحق البيع فيه إلا بعد حدوث الحمل الثاني واختلاطه به نظرت فإن شرط أنه إذا خيف الاختلاط قطعه جاز لأنه منع الغرر بشرط القطع وإن لم يشترط القطع ففيه قولان: أحدهما أن العقد باطل لأنه يختلط بالمرهون غيره فلا يمكن إمضاء العقد على مقتضاه والثاني أنه صحيح لأنه يمكن الفصل عند الاختلاط بأن يسمح الراهن بترك ثمرته للمرتهن أو ينظر كم كان المرهون فيحلف عليه ويأخذ ما زاد فإذا أمكن إمضاء العقد لم يحكم ببطلانه.
فصل: ويجوز أن يرهن الجارية دون ولدها لأن الرهن لا يزيل الملك فلا يؤدي إلى التفريق بينهما فإن حل الدين ولم يقبضه بيعت الأم والولد ويقسم الثمن عليهما فما قابل الأم تعلق به حق المرتهن في قضاء دينه وما قابل الولد يكون للراهن لا يتعلق به حق المرتهن.
فصل: وفي جواز رهن المصحف وكتب الأحاديث والعبد المسلم عند الكافر طريقان: قال أبو إسحاق والقاضي أبو حامد: فيه قولان كالبيع أحدهما يبطل والثاني