للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح ويجبر على تركه في يد مسلم وقال أبو علي الطبري في الإفصاح يصبح الرهن قولاً واحداً ويجبر على تركه في يد مسلم ويفارق البيع بأن البيع ينتقل فيه إلى الكافر وفي الرهن المرهون باق على ملك المسلم.

فصل: فإن شرط في الرهن شرطاً ينافي مقتضاه مثل أن يقول رهنتك على أن لا أسلمه أو على أن لا يباع في الدين أو على أن منفعته لك أو على أن ولده لك فالشرط باطل لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ولو كان مائة شرط١" وهل يبطل الرهن ينظر فيه فإن كان الشرط نقصاناً في حق المرتهن كالشرطين الأولين فالعقد باطل لأنه يمنع المقصود فأبطله وإن كان زيادة في حق المرتهن كالشرطين الآخرين ففيه قولان: أحدهما يبطل الرهن وهو الصحيح لأنه شرط فاسد قارن العقد فأبطله كما لو شرط نقصاناً في حق المرتهن والثاني أنه لا يبطل لأنه شرط جميع أحكامه وزاد فبطلت الزيادة وبقي العقد بأحكامه فإذا قلنا إن الرهن يبطل فإن كان الرهن مشروطاً في بيع فهل يبطل فيه قولان: أحدهما أنه لا يبطل لأنه يجوز شرطه بعد البيع وما جاز شرطه بعد تمام العقد لم يبطل العقد بفساده كالصداق في النكاح والثاني أنه يبطل وهو الصحيح لأن الرهن يترك لأجله جزء من الثمن فإذا بطل الرهن وجب أن يضم إلى الثمن الجزء الذي ترك لأجله وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولاً فيصير الثمن مجهولاً والجهل بالثمن يفسد البيع.

فصل: ويجوز أن يجعل الرهن في يد المرتهن ويجوز أن يجعل في يد عدل لأن الحق لهما فجاز ما اتفقا عليه من ذلك فإن كان المرهون أمة لم توضع إلا عند امرأة وعنده محرم لها أو عند من له زوجة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون أحدكم بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان٢" فإن جعل الرهن على يد عدل ثم أراد أحدهما أن ينقله إلى غيره لم يكن له ذلك لأنه حصل عند العدل برضاهما فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بنقله فإن اتفقا على النقل إلى غيره جاز لأن الحق لهما وقد رضيا فإن مات العدل أو اختل فاختلف الراهن والمرتهن فيمن يكون عنده أو مات المرتهن أو اختل والرهن عنده فاختلف الراهن ومن ينظر في مال المرتهن فيمن يكون الرهن عنده رفع الأمر إلى الحاكم فيجعله عند


١ رواه البخاري في كتاب الشروط باب١٧، ١٠. النسائي في كتاب الطلاق باب ٣١. أحمد في مسنده "٦/١٨٣".
٢ رواه البخاري في كتاب النكاح باب ١١١، ١١٢. مسلم في كتاب الحج حديث ٤٢٤. الترمذي في كتاب الرضاع باب ١٦. أحمد في مسنده "١/٢٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>