ولأنه عقد لا يزيل الملك فلم يسر إلى النماء المتميز كالإجارة فإن رهن نخلاً على أن ما يتميز داخل في الرهن أو ماشية على أن تنتج داخل في الرهن فالمنصوص في الأم أن الشرط باطل وقال في الأمالي القديمة لو قال قائل إن الثمرة والنتاج يكون رهناً كان مذهباً ووجهه أنه تابع للأصل فجاز أن يتبعه كأساس الدار والمذهب الأول وهذا مرجوع عنه لأنه رهن مجهول ومعدوم فلم يصح بخلاف أساس الدار فإنه موجود ولكنه شق رؤيته فعفى عن الجهل به وأما النماء الموجود في حال العقد ينظر فيه فإن كان شجراً فقد قال في الرهن لا يدخل فيه وقال في البيع يدخل واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق وقد بيناها في البيوع وإن كان ثمراً نظرت فإن كان ظاهراً كالطلع المؤبر وما أشبهه من الثمار لم يدخل في الرهن لأنه إذا لم يدخل ذلك في البيع وهو يزيل الملك فلأن لا يدخل في الرهن وهو لا يزيل الملك أولى وإن كن ثمراً غير ظاهر كالطلع الذي لم يؤبر وما أشبهه من الثمار ففيه من أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما يدخل فيه قياساً على البيع والثاني لا يدخل فيه وهو الصحيح لأنه لما لم يدخل فيه ما يحدث بعد العقد لم يدخل الموجود حال العقد ومنهم من قال لا يدخل فيه قولاً واحداً ويخالف البيع فإن في البيع ما يحدث بعد العقد ملك للمشتري والحادث بعد العقد لا حق للمرتهن فيه ولأن البيع يزيل الملك فيدخل فيه النماء والرهن لا يزيل الملك فلم يدخل فيه واختلف أصحابنا في ورق التوت والآس وأغصان الخلاف فمنهم من قال: هو كالورق والأغصان من سائر الأشجار فيدخل في الرهن ومنهم من قال: إنها كالثمار من سائر الأشجار فيكون حكمها حكم الثمار وإن كان النماء صوفاً أو لبناً فالمنصوص أنه لا يدخل في العقد وقال الربيع في الصوف قول آخر إنه يدخل فمن أصحابنا من قال فيه قولان ومنهم من قال لا يدخل قولاً واحداً وما قاله الربيع من تخريجه.
فصل: ويملك الراهن التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن كخدمة العبد وسكنى الدار وركوب الدابة وزراعة الأرض لقوله صلى الله عليه وسلم: "الرهن مجلوب ومركوب" ولأنه لم يدخل في العقد ولا يضر بالمعقود له فبقي على ملكه وتصرفه كخدمة الأمة المزوجة ووطء الأمة المستأجرة وله أن يستوفي ذلك بالإجارة والإعارة وهل له أن يستوفي ذلك بنفسه؟ قال في الأم: له ذلك وقال في الرهن الصغير: لا يجوز فمن أصحابنا من قال: فيه قولان: أحدهما لا يجوز لأنه لا يأمن أن يجحد فيبطل حق المرتهن والثاني يجوز وهو الصحيح لأن كل منفعة جاز أن يستوفيها بغيره جاز أن