للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستوفيها بنفسه كمنفعة غير المرهون ودليل القول الأول يبطل به إذا أكراه من غيره فإنه لا يؤمن أن يجحد ثم يجوز ومنهم من قال إن كان الراهن ثقة جاز لأنه يؤمن أن يجحد وإن كان غير ثقة لم يجز لأنه لا يؤمن أن يجحد وحمل القولين على هذين الحالين.

فصل: وأما ما فيه ضرر بالمرتهن فإنه لا يملك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار١" فإن كان المرهون مما ينقل فأراد أن ينتفع به في السفر أو يكريه ممن يسافر به لم يجز لأن أمن السفر لا يوثق به فلا يؤمن أن يؤخذ فيد فيدخل على المرتهن الضرر وإن كان ثواباً لم يملك لبسه لأنه ينقص قيمته وإن كان أمة لم يملك تزويجها لأنه ينقص قيمتها وهل يجوز وطؤها ينظر فإن كانت مما تحبل لم يجز وطؤها لأنه لا يؤمن أن تحبل فتنقص قيمتها وتبطل الوثيقة باستيلادها وإن كانت مما لا تحبل لصغر أو لكبر ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: يجوز وطؤها لأنا قد أمنا الضرر بالإحبال وقال أبو علي بن أبي هريرة: لا يجوز لأن السن الذي لا تحبل فيه لا يتميز عن السن الذي تحبل فيه مع اختلاف الطباع فمنع من الجميع كما قلنا في شرب الخمر لما لم يتميز ما يسكر مما لا يسكر مع اختلاف الطباع في السكر حرم الجميع فإذا منعنا من الوطء منعنا من الاستخدام لأنه لا يؤمن أن يطأها وإذا لم يمنع من الوطء جاز الاستخدام فإن كان أرضاً فأراد أن يغرس فيها أو يبني لم يجز لأنه يراد للبقاء وينقص به قيمة الأرض عند القضاء فإذا خالف وغرس أو بنى والدين مؤجل لم يقلع في الحال لأنه يجوز أن يقضي الدين من غير الأرض وربما لم تنقص قيمة الأرض مع الغراس والبناء عن الدين فلا يجوز الإضرار بالراهن في الحال لضرر متوهم في ثاني الحال فإن حل الدين ولم يقض وعجزت قيمة الأرض مع الغراس والبناء على قدر الدين قلع فإن أراد أن يزرع ما يضر بالأرض لم يجز وإن لم يضر بالأرض نظرت فإن كان مما يحصد قبل محل الدين جاز وإن كان لا يحصد إلا بعد محل الدين ففيه قولان: أحدهما لا يجوز لأنه ينقص قيمة الأرض فيستضر به المرتهن والثاني يجوز لأنه ربما قضاه الدين من غير الأرض وربما وفت قيمة الأرض مع الزرع بالدين فلا يمنع منه في الحال وإن أراد أن يؤجر إلى مدة يحل الدين قبل انقضائها لم يجز له لأنه ينقص قيمة الأرض وقال أبو علي الطبري رحمه الله: فيها قولان كزراعة ما لا يحصد قبل محل الدين وإن كان فحلاً وأراد أن ينزيه


١ رواه ابن ماجة في كتاب الأحكام باب ١٧. الموطأ في كتاب الأفضية حديث ٣١. أحمد في مسنده "٥/٣٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>