لا يجوز وقال أبو إسحاق: إذا أفلس المسلم إليه فللمسلم أن يفسخ العقد ويضرب مع الغرماء برأس المال لأنه يتعذر تسليم المسلم فيه فثبت الفسخ كما لو أسلم في الرطب فانقطع والمذهب أنه لا يثبت الفسخ لأنه غير واجد لعين ماله فلم يملك الفسخ بالإفلاس كما لو باعه عيناً فأفلس المشتري بالثمن والعين تالفة ويخالف إذا أسلم وانقطع الرطب لأن الفسخ هناك لتعذر المعقود عليه قبل التسليم وههنا الفسخ بالإفلاس والفسخ بالإفلاس إنما يكون لمن وجد عين ماله وهذا غير واجد لعين ماله فلم يملك الفسخ.
فصل: وإن أكرى أرضاً فأفلس المكتري بالأجرة فإن كان قبل استيفاء شيء من المنافع فله أن يفسخ لأن المنافع في الإجارة كالأعيان المبيعة في البيع ثم إذا أفلس المشتري والعين باقية ثبت له الفسخ فكذلك إذا أفلس المكتري والمنافع باقية وجب أن يثبت له الفسخ وإن أفلس وقد استوفى بعض المنافع وبقي البعض ضرب مع الغرماء بحصة ما مضى وفسخ فيما بقي كما لو ابتاع عبدين وتلف عنده أحدهما ثم أفلس فإنه يضرب بثمن ما تلف مع الغرماء ويفسخ البيع فيما بقي فإن فسخ وفي الأرض زرع لم يستحصد نظرت فإن اتفق الغرماء والمفلس على تبقيته بأجرة إلى وقت الحصاد لزم المكري قبوله لأن زرع بحق وقد بذل له الأجرة لما بقي فلزمه قبوله وإن لم يبذل له الأجرة جاز له المطالبة بقطعه لأن التبقية إلى الحصاد لدفع الضرر عن المفلس والغرماء والضرر لا يزال بالضرر وفي تبقيته من غير عوض إضرار بالمكري وإن دعا بعضهم إلى القطع وبعضهم إلى التبقية نظرت فإن كان الزرع لا قيمة له في الحال كالطعام في أول ما يخرج من الأرض لم يقطع لأنه إذا قطع لم يكن له قيمة وإذا ترك صار له قيمة فقدم قول من دعا إلى الترك وإن كان له قيمة كالقصيل الذي يقطع ففيه وجهان: أحدهما يقدم قول من دعا إلى القطع لأن من دعا إلى القطع تعجل حقه فلم يؤخر والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يفعل ما هو أحظ والأول أظهر.
فصل: إذا قسم مال المفلس بين الغرماء ففي حجره وجهان: أحدهما يزول الحجر لأن المعنى الذي لأجله حجر عليه حفظ المال على الغرماء وقد زال ذلك فزال الحجر كالمجنون إذا أفاق والثاني لا يزول إلا بالحاكم لأنه حجر ثبت بالحاكم فلم يزل إلا بالحاكم كالحجر على المبذر.
فصل: ومن مات وعليه ديون تعلقت الديون بماله كما تتعلق بالحجر في حياته فإن كان عليه دين مؤجل حل الدين بالموت لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الرجل وله دين إلى أجل وعليه دين إلى أجل فالذي عليه حال