والذي له إلى أجله" ولأن الأجل جعل رفقاً بمن عليه الدين والرفق بعد الموت أن يقضي دينه وتبرأ ذمته والدليل عليه ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن مرتهنة في قبره بدينه إلى أن يقضى عنه".
فصل: فإن تصرف الوارث في التركة قبل مضي الدين ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه مال تعلق به دين فلا يصح التصرف فيه من غير رضى من له الحق كالمرهون والثاني يصح لأنه حق تعلق بالمال من غير رضى المالك فلم يمنع التصرف كمال المريض وإن قلنا إنه يصح فإن قضى الوارث الدين نفذ تصرفه وإن لم يقضي فسخنا وإن باع عبداً ومات وتصرف الوارث في التركة ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فرده أو وقع في بئر كان حفرها بهيمة في تصرف الورثة وجهان: أحدهما أنه يصح لأنهم تصرفوا في ملك لهم لا يتعلق به حق أحد والثاني يبطل لأنا تبينا أنهم تصرفوا والدين متعلق بالتركة فإن كان في غرماء الميت من باع شيئاً ووجد عين ماله فإن لم تف التركة بالدين فهو بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يفسخ ويرجع في عين ماله لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في رجل أفلس هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه١" فإن كانت التركة تفي بالدين ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبي سعيد الإصطخري رحمه الله أن له أن يرجع في عين ماله لحديث أبي هريرة والثاني لا يجوز أن يرجع في عين ماله وهو المذهب لأن المال يفي بالدين فلم يجز الرجوع في المبيع كالحي المليء وحديث أبي هريرة قد روى فيه أبو بكر النيسابوري وإن خالف وفاء فهو أسوة الغرماء.
فصل: إذا قسم مال المفلس أو مال الميت بين الغرماء ثم ظهر غريم آخر رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه لأنا إنما قسمنا بينهم بحكم الظاهر إنه لا غريم له غيرهم فإذا بان بخلاف ذلك وجب نقض القسمة كالحاكم إذا حكم بحكم ثم وجد النص بخلافه وإن أكرى رجل داره سنة وقبض الأجرة وتصرف فيها ثم أفلس وقسم ماله بين الغرماء ثم انهدمت الدار في أثناء المدة فإن المكتري يرجع على المفلس بأجرة ما بقي وهل يشارك الغرماء فيما اقتسموا به أم لا؟ ففيه وجهان: أحدهما لا يشاركهم لأنه دين وجب بعد القسمة فلم يشارك به الغرماء فيما اقتسموا كما لو استقرض مالا ًبعد القسمة والثاني يشاركهم لأنه دين وجب بسبب قبل الحجر فشارك به الغرماء