التسليم في موضع العقد كما تجوز حالاً ومؤجلاً وإذا أطلق وجب التسليم في حال العقد.
فصل: ولا تصح الكفالة بالبدن من غير إذن المكفول به لأنه إذا تكفل به من غير إذنه لم يقدر على تسليمه ومن أصحابنا من قال: تصح كما تصح الكفالة بالدين من غير إذن من عليه بالدين.
فصل: وإن تكفل بعضو منه ففيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه يصح لأنه في تسليمه تسليم جميعه والثاني لا يجوز لأن إفراد العضو بالعقد لا يصح وتسريته إلى الباقي لا تمكن لأنه لا سراية له فبطلت والثالث إن كان العضو لا يبقى البدن دونه كالرأس والقلب جاز لأنه لا يمكن تسليمه إلا بتسليم البدن وإن كان عضواً يبقى البدن دونه كاليد والرجل لم يصح لأنه يقطع فيبرأ مع بقائه.
فصل: وإن أحضر المكفول به قبل المحل أو في غير الموضع الذي شرط فيه التسليم فإن كان عليه في قبوله ضرر أو في رده غرض لم يلزمه قبوله وإن لم يكن عليه ضرر ولا في رده غرض وجب قبوله فإن لم يتسلمه أحضره عند الحاكم ليتسلم عنه ويبرأ كما قلنا في دين السلم وإن أحضره وهناك يد حائلة لم يبرأ لأن التسليم المستحق هو التسليم من غير حائل ولهذا لو سلم المبيع مع الحائل لم يصح تسليمه وإن سلمه وهو في حبس الحاكم صح التسليم لأن حبس الحاكم ليس بحائل ويمكن إحضاره ومطالبته بما عليه من الحق وإن حضر المكفول به بنفسه وسلم نفسه برئ الكفيل كما يبرأ الضامن إذا أدى المضمون عنه الدين وإن غاب المكفول به إلى موضع لا يعرف خبره لم يطالب وإن غاب إلى موضع يعرف خبره لم يطالب به حتى يمضي زمان يمكن فيه الذهاب والمجيء لأن ما لزم تسليمه لم يلزم إلا بإمكان التسليم فإن مضى زمان الإمكان ولم يفعل حبس الكفيل إلى أن يحضره فإن أبرأه المكفول له من الكفالة برئ كما يبرأ الضامن إذا أبرأه المضمون له فإن جاء رجل وقال أبرئ الكفيل وأنا كفيل بمن تكفل به ففيه وجهان: قال أبو العباس يصح لأنه نقل الضمان إلى نفسه فصار كما لو ضمن رجل مالاً فأحال الضامن المضمون له على آخر وقال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب الطبري رحمهما الله لا يصح لأنه تكفل بشرط أن يبرأ الكفيل وذلك شرط فاسد فمنع صحة العقد وإن تكفل ببدن رجل لنفسين فسلمه إلى أحدهما لم يبرأ من حق الآخر لأنه ضمن تسليمين فلم يبرأ بأحدهما كما لوضمن لهما دينين فأدى دين أحدهما وإن تكفل اثنان لرجل ببدن رجل فأحضره أحدهما فقد قال شيخنا القاضي أبو الطيب رحمه الله أنه لا يبرأ الآخر لأنه لو أبرئ أحدهما لم يبرأ الآخر فإذا سلمه أحدهما لم يبرأ الآخر