للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أنه يبرأ لأن المستحق إحضاره قد حصل فبرئا كما لو ضمن رجلان ديناً فأداه أحدهما ويخالف الإبراء فإن الإبراء مخالف للأداء والدليل عليه أن في ضمان المال لو أبرئ أحد الضامنين لم يبرأ الآخر ولو أدى أحد الضامنين برئ.

فصل: وإن تكفل ببدن رجل فمات المكفول به برئ الكفيل وقال أبو العباس يلزمه ما على المكفول به من الدين لأنه وثيقة فإذا مات من عليه الدين وجب أن يستوفي الدين منها كالرهن والمذهب الأول لأنه لم يضمن الدين فلا يلزمه.

فصل: وإن تكفل بعين نظرت فإن كان أمانة كالوديعة لم يصح لأنه إذا لم يجب ضمانها على من هي عنده فلأن لا يجب على من يضمن عنه أولى وإن كان عيناً مضمونة كالمغصوب والعارية والمبيع قبل القبض ففيه وجهان بناء على القولين في كفالة البدن فإن قلنا إنها تصح فهلكت العين فقد قال أبو العباس فيه وجهان: أحدهما يجب عليه ضمانها والثاني لا يجب وقال الشيخ أبو حامد لا يجوز بناء ذلك على كفالة البدن لو تلف لم يضمن بدله ولو هلكت العين ضمنها.

فصل: وإن ضمن عنه ديناً ثم اختلفا فقال الضامن ضمنت وأنا صبي وقال المضمون له ضمنت وأنت بالغ فالقول قول الضامن لأن الأصل عدم البلوغ وإن قال ضمنت وأنا مجنون وقال بل ضمنت وأنت عاقل فإن لم يعرف له حالة جنون فالقول قول المضمون له لأن الأصل العقل وصحة الضمان وإن عرف له حالة جنون فالقول قول الضامن لأنه يحتمل أن يكون الضمان في حالة الإفاقة ويحتمل أن يكون في حالة الجنون والأصل عدم الضمان وبراءة الذمة وإن ضمن عن رجل شيئاً وأدى المال ثم ادعى أنه ضمن بإذنه وأدى بإذنه ليرجع وأنكر المضمون عنه الإذن لم يرجع عليه لأن الأصل عدم الإذن وإن تكفل ببدن رجل ثم ادعى أنه تكفل به ولا حق عليه فالقول قول المكفول له لأن الكفيل قد أقر بالكفالة والكفالة لا تكون إلا بمن عليه حق فكان القول قول المكفول له فإن طلب الكفيل يمين المكفول له على ذلك ففيه وجهان: أحدهما يحلف لأن ما يدعيه الكفيل ممكن فحلف عليه الخصم والثاني لا يحلف لأن إقراره بالكفالة يقتضي وجوب الحق وما يدعيه يكذب إقراره فلم يحلف الخصم وإن ادعى الضامن أنه قضى الحق عن المضمون عنه وأقر المضمون له وأنكر المضمون عنه ففيه وجهان: أحدهما أن القول قول المضمون عنه لأن الضامن يدعي القضاء ليرجع فلم يقبل قوله والمضمون له يشهد على فعل نفسه أنه قبض فلم تقبل شهادته فسقط قولهما وحلف المضمون عنه والثاني أن القول قول الضامن لأن قبض المضمون له يثبت بالإقرار مرة وبالبينة أخرى ولو ثبت قبضه بالبينة رجع الضامن فكذلك إذا ثبت بالإقرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>