فصل: ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم فإن قال وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق فيعظم الضرر ويكثر الغرر وإن قال وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح لأنه عرف ماله ودينه وإن قال بع ما شئت من مالي أو اقبض ما شئت من ديوني جاز لأنه إذا عرف ماله ودينه عرف أقصى ما يبيع ويقبض فيقل الغرر وإن قال اشتر لي عبداً لم يصح لأن فيه ما يكون بمائة وفيه ما يكون بألف فيكثر الغرر وإن قال اشتر لي عبداً بمائة لم يصح لأنه ذكر الثمن لا يدل على النوع فيكثر الغرر وإن قال اشتر لي عبداً تركياً بمائة جاز لأن مع ذكر النوع وقدر الثمن يقل الغرر فإن قال اشتر لي عبداً تركياً ولم يقدر الثمن ففيه وجهان: قال أبو العباس يصح لأنه يحمل الأمر على أعلى هذا النوع ثمناً فيقل الغرر ومن أصحابنا من قال لا يصح لأن أثمان الترك تختلف وتتفاوت فيكثر الغرر وإن وكله في الإبراء لم يجز حتى يبين الجنس الذي يبرئ منه والقدر الذي يبرئ منه وإن وكله في الإقرار وقلنا إنه يصح التوكيل فيه لم يجز حتى يبين جنس ما يقر به وقدر ما يقر به لأنه إذا أطلق عظم الضرر وكثر الغرر فلم يجز وإن وكله في خصومة كل من يخاصمه ففيه وجهان: أحدهما يصح لأن الخصومة معلومة والثاني لا يصح لأنها قد تقل الخصومات وقد تكثر فيكثر الغرر.
فصل: ولا يجوز تعليق الوكالة على شرط مستقبل ومن أصحابنا من قال يجوز لأنه أذن في التصرف فجاز تعليقه على مستقبل كالوصية والمذهب الأول لأنه عقد تؤثر الجهالة في إبطاله فلم يصح تعليقه على شرط كالبيع والإجارة ويخالف الوصية فإنها لا يؤثر فيها غرر الجهالة فلا يؤثر فيها غرر الشرط والوكالة تؤثر الجهالة في إبطالها فأثر غرر الشرط فإن علقها على شرط مستقبل ووجد الشرط وتصرف الوكيل صح التصرف لأن مع فساد العقد الإذن قائم فيكون تصرفه بإذن فصح فإن كان قد سمى له جعلاً سقط المسمى ووجب له أجرة المثل لأنه عمل في عقد فاسد لم يرض فيه بغير بدل فوجب أجرة المثل كالعمل في الإجارة الفاسدة وإن عقد الوكالة في الحال وعلق التصرف على شرط بأن قال: وكلتك بأن تطلق امرأتي أو تبيع مالي بعد شهر صح لأنه لم يعلق العقد على شرط وإنما علق التصرف على شرط فلم يمنع صحة العقد.
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل من جهة النطق أو