كالغاصب من المالك إذا تلف عنده فإن لم يعلم نظرت فيما ضمن فإن التزم ضمانه بالعقد كبدل العين وما نقص منها لم يرجع به على الغاصب لأن الغاصب لم يغره بل دخل معه على أن يضمنه وإن لم يتلزم ضمانه بالعقد نظرت فغن لم يحصل له في مقابلته منفعة كقيمة الولد نقصان الجارية بالولادة رجع على الغاصب لأنه غره ودخل معه على أن لا يضمنه وإن حصلت له في مقابلته منفعة كالأجرة والمهر وأرش البكارة ففيه قولان: أحدهما يرجع به لأنه غره ولم يدخل معه على أن يضمنه والثاني لا يرجع به لأنه حصل له في مقابلته منفعة وإن بدأ فضمن الغاصب فما لا يرجع به المشتري على الغاصب إذا غرم رجع به الغاصب على المشتري وما يرجع به المشتري على الغاصب لايرجع به لأنه لا فائدة في أن يرجع عليه ثم يرجع المشتري به عليه.
فصل: وإن غصب من رجل طعاماً فأطعمه رجلاً فللمالك أن يضمن الغاصب لأنه غصبه وله أن يضمن الآكل لأنه أكل ما لم يكن له أكله فإن صمن الآكل نظرت فإن علم أنه مغصوب فأكله لم يرجع على الغاصب بما ضمن لأنه غاصب استهلك المغصوب فلم يرجع بما ضمنه فإن أكل ولم يعلم أنه مغصوب ففيه قولان: أحدهما يرجع لأنه غره وأطعمه على أن لا يضمنه والثاني لا يرجع لأنه حصل له منفعة فإن أطعمه المالك فإن علم أنه له برئ الغاصب من الضمان لأنه استهلك ماله برضاه مع العلم به وإن لم يعلم ففيه قولان: أحدهما يبرأ الغاصب لأنه عاد إلى يده فبرئ الغاصب من الضمان كما أورده عليه والثاني أنه لا يبرأ لأنه إنما ضمن لأنه أزال يده وسلطانه عن المال وبالتقديم إليه ليأكله لم تعد يده وسلطانه لأنه لو أراد أن يأخذه لم يمكنه فلم يزل الضمان.
فصل: وإن غصب من رجل شيئاً ثم رهنه عنده أو أودعه أو آجره منه وتلف عنده فإن علم أنه له برئ الغاصب من ضمانه لأنه أعاده إلى يده وسلطانه وإن لم يعلم ففيه وجهان: أحدهما أنه يبرأ الغاصب من الضمان لأنه عاد إلى يده والثاني لا يبرأ لأنه لم يعد إلى سلطانه وإنما عاد إليه على أنه أمانة عنده وإن باعه منه برئ من الضمان علم أو لم يعلم لأنه قبضه بابتياع وجب الضمان فبرئ به الغاصب من الضمان.
فصل: وإن غصب شيئاً فرهنه المالك عند الغاصب لم يبرأ الغاصب وقال المزني يبرأ لأنه أذن له في إمساكه فبرئ من الضمان كما لو أودعه والمذهب الأول لأن الرهن يجتمع مع الضمان وهو إذا رهنه شيئاً فتعدى فيه فلا ينافي الضمان.
فصل: وإن غصب حراً وحبسه ومات عنده لم يضمنه لأنه ليس بمال فلم يضمنه