باليد وإن حبسه مدة لمثلها أجرة فإن استوفى فيها منفعته لزمته الأجرة لأنه أتلف عليه ما يتقوم فلزمه الضمان كما لو أتلف عليه ماله أو قطع أطرافه وإن لم يستوف منفعته ففيه وجهان: أحدهما تلزمه الأجرة لأن منفعته تضمن بالإجارة فضمنت بالغصب كمنفعة المال والثاني لا تلزمه لأنها تلفت تحت يده فلا يضمنه الغاصب بالغصب كأطرافه وثياب بدنه.
فصل: وإن غصب كلباً فيه منفعة رده على صاحبه لأنه يجوز اقتناؤه للانتفاع به فلزمه رده فإن حبسه مدة لمثلها أجرة فهل تلزمه الأجرة؟ فيه وجهان بناءً على الوجهين في جواز إجارته.
فصل: وإن غصب خمراً نظرت فإن غصبها في ذمي لزمه ردها عليه لأنه يقر على شربها فلزمه ردها عليه وإن غصبها من مسلم ففيه وجهان: أحدهما يلزمه ردها عليه لأنه يجوز أن يطفئ بها ناراً أو يبل بها طيناً فوجب ردها عليه والثاني لا يلزمه وهو الصحيح لما روي أن أبا طلحة رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهرقها فإن أتلفها أو تلفت عنده لم يلزمه ضمانها لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه" ولأن ما حرم الانتفاع به لم يضمن ببدل كالميتة والدم فإن صار خلاً لزمه رده على صاحبه لأنه صار خلاً على حكم ملكه فلزمه رده إليه فإن تلف ضمنه لأنه مال للمغصوب منه تلف في يد الغاصب فضمنه.
فصل: وإن غصب جلد ميتة لزمه رده لأن له أن يتوصل إلى تطهيره بالدباغ فوجب رده عليه فإن دبغه الغاصب ففيه وجهان: أحدهما يلزمه رده كالخمر إذا صار خلاً والثاني لا يلزمه لأنه بفعله صار مالاً فلم يلزمه رده.
فصل: وإن فصل صليباً أو مزماراً لم يلزمه شيء لأن ما أزاله لا قيمة له والدليل عليه ما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن الله تعالى حرم بيع الخمر وبيع الخنازير وبيع الأصنام وبيع الميتة١" فدل على أنه لا قيمة له وما لا قيمة له لا يضمن فإن كسره نظرت فإن كان إذا فصله يصلح لمنفعة مباحة وإذا كسره لم
١ رواه البخاري في كتتتاب البيوع باب ١١٢. مسلم في كتاب المساقاة حديث ٧١. أبو داود في كتاب البيوع باب ٦٤. الترمذي في كتاب البيوع باب ٦٠. ابن ماجة في كتاب التجارات باب ١١.