للزراعة لم تصح حتى يكون لها ماء يؤمن انقطاعه كماء العين والمد بالبصرة والثلج والمطر في الجبل لأن المنفعة في الإجارة كالعين في البيع فإذا لم يجز بيع عين لا يقدر عليها لم تجز إجارة منفعة لا يقدر عليها فإن اكترى أرضاً على نهر إذا زاد سقي وإذا لم يزد لم يسقى كأرض مصر والفرات وما انحدر من دجلة نظرت فإن اكتراها بعد الزيادة صح العقد لأنه يمكن استيفاء المعقود عليه فهو كبيع الطير في القفص وإن كان قبل الزيادة لم يصح لأنه لم يعلم هل يقدر على المعقود عليه أو لا يقدر فلم يصح كبيع الطير في الهواء وإن اكترى أرضاً لا ماء لها ولم يذكر أن يكتريها للزراعة ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأن الأرض لا تكتري في العادة إلا للزراعة فصار كما لو شرط أنه يكتريها للزراعة والثاني إن كانت الأرض عالية لا يطمع في سقيها صح العقد أنه يعلم أنه لم يكترها للزراعة وإن كانت مستقلة يطمع في سقيها بسوق الماء إليها من موضع لم يصح لأنه اكتراها للزراعة مع تعذر الزراعة فإن اكترى أرضاً غرقت بالماء لزراعة ما لا يثبت في الماء كالحنطة والشعير نظرت فإن كان للماء مغيض إذا فتح انحسر الماء عن الأرض وقدر على الزراعة صح العقد لأنه يمكن زراعتها بفتح المغيض كما يمكن سكنى الدار بفتح الباب وإن لم يكن له مغيض ولا يعلم أن الماء ينحسر عنها لم يصح العقد لأنه لا يعلم هل يقدر على المعقود عليه أم لا يقدر فلم يصبح العقد كبيع ما في يد الغاصب فإن كان يعلم أن الماء ينحسر وتنشفه الريح ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه لا يمكن استيفاء المنفعة في الحال والثاني يصح وهو قول أبي إسحاق وهو الصحيح لأنه يعلم بالعادة إمكان الانتفاع به فإن اكترى أرضاً على ماء إذا زاد غرقت فاكتراها قبل الزيادة صح العقد لأن الغرق متوهم فلا يمنع صحة العقد.
فصل: وإن استأجر رجلاً ليعلمه بنفسه سورة وهو لا يحسنها ففيه وجهان: أحدهما يصح كما يصح أن يشتري سلعة بدراهم وهو لا يملكها ثم يحصلها ويسلم والثاني لا يصح لأنه عقد على منفعة معينة لا يقدر عليها فلم يصح كما لو أجر عبد غيره.
فصل: ولا تصح الإجارة إلا على منفعة معلومة القدر لأنا بينا أن الإجارة بيع