للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبيع لا يصح إلا في معلوم القدر فكذلك الإجارة ويعلم مقدار المنفعة بتقدير العمل أو بتقدير المدة فإن كانت المنفعة معلومة القدر في نفسها كخياطة ثوب وبيع عبد والركوب إلى مكان قدرت بالعمل لأنها معلومة في نفسها فلا تقدر بغيرها وإن قدر بالعمل والمدة بأن استأجره يوماً ليخيط له قميصاً فالإجارة باطلة لأنه يؤدي إلى التعارض وذلك أنه قد يفرغ من الخياطة في بعض اليوم فإن طولب في بقية اليوم بالعمل أخل بشرط العمل وإن لم يطالب أخل بشرط المدة فإن كانت المنفعة مجهولة المقدار في نفسها كالسكنى والرضاع وسقي الأرض والتطيين والتجصيص قدر بالمدة لأن السكنى وما يشبع به الصبي من اللبن وما تروى به الرض من السقي يختلف ولا ينضبط ومقدار التطيين والتجصيص لا ينضبط لاختلافهما في الرقة والثخونة فقدر بالمدة واختلف أصحابنا في استئجار الظهر للحرث فمنهم من قال يجوز أن يقدر بالعمل بأن يستأجره ليحرث أرضاً بعينها ويجوز أن يقدر بالمدة بأن يستأجره ليحرث له شهراً ومنهم من قال لا يجوز تقديره بالمدة والأول أظهر لأنه يمكن تقديره بكل واحد منهم فجاز التقدير بكل واحد منهما.

فصل: وما عقد على مدة لا يجوز إلا على مدة معلومة الابتداء والانتهاء فإن قال أجرتك هذه الدار كل شهر بدينار فالإجارة باطلة وقال في الإملاء تصح في الشهر الأول وتيطل فيما زاد لأن الشهر الأول معلوم وما زاد مجهول فصح في المعلوم وبطل في المجهول كما لو قال أجرتك هذا الشهر بدينار وما زاد بحسابه والصحيح هو الأول لأنه عقد على الشهر وما زاد من الشهور وذلك مجهول فبطل ويخالف هذا إذا قال أجرتك هذا الشهر بدينار وما زاد بحسابه لأن هناك أفرد الشهر الأول بالعقد وههنا لم يفرد الشهر عما بعده بالعقد فبطل بالجميع فإن أجره سنة مطلقة حمل على سنة بالأهلة لأن السنة المعهودة بالشرع سنة الأهلة والدليل عليه قوله عز وجل {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] فوجب أن يحمل العقد عليه فإن كان العقد في أول الهلال عد اثني عشر شهراً بالأهلة تاماً كان الشهر أو ناقصاً وإن كان في أثناء الشهر عد ما بقي من الشهر وعد بعده أحد عشر شهراً بالأهلة ثم كمل عدد الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوماً لأنه تعذر إتمامه بالشهر الهلالي فتمم بالعدد فإن أجره سنة شمسية ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه على حساب أنسيء فيه الأيام والنسيء حرام والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: ٣٧] والثاني أنه يصح لأنه وإن كان النسيء حراماً إلا أن المدة معلومة فجاز العقد كالنيروز والمهرجان وفي أكثر المدة التي يجوز عقد الإجارة عليه طريقان ذكرناهما في المساقاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>