فصل: ولا تصح الإجارة إلا على منفعة معلومة لأن الإجارة بيع والمنفعة فيها كالعين في البيع والبيع لا يصح إلا في المعلوم فكذلك الإجارة فإن كان المكترى داراً لم يصح العقد عليها حتى تعرف الدار لأن المنفعة تختلف باختلافها فوجب العلم بها ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنها لا تضبط بالصفة فافتقر إلى التعيين كالعقار والجواهر في البيع وهل يفتقر إلى الرؤية؟ فيه قولان بناء على القولين في البيع ولا يفتقر إلى ذكر السكنى ولا إلى ذكر صفاتها لأن الدار لا تكترى إلا للسكنى وذلك معلوم بالعرف فاستغنى عن ذكرها كالبيع بثمن مطلق في موضع فيه نقد معروف وإن اكترى أرضاً لم يصح حتى تعرف الأرض لما ذكرناه في الدار ولا يصح حتى يذكر ما يكترى له من الزراعة والغراس والبناء لأن الأرض تكترى لهذه المنافع وتأثيرها في الأرض يختلف فوجب بيانها وإن قال أجرتك هذه الأرض لتزرعها ما شئت جاز لأنه جعل له زراعة أضر الأشياء فأي صنف زرع لم يستوف به أكثر من حقه وإن قال أجرتك لتزرع وأطلق ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأن الزروع مختلفة في التأثير في الأرض فوجب بينها والثاني يصح لأن التفاوت بين الزرعين يقل وإن قال أجرتك لتزرعها أو تغرسها لم يصح لأنه جعل له أحدهما ولم يعين فلم يصح كما قال بعتك أحد هذين العبدين وإن قال أجرتك لتزرعها وتغرسها ففيه وجهان: أحدهما لا يصح وهو قول المزني وأبي العباس وأبي إسحاق لأنه لم يبين المقدار من كل واحد منهما والثاني يصح وله أن يزرع النصف ويغرس النصف وهو ظاهر النص وهو قول أبي الطيب بن سلمة لأن الجمع يقتضي التسوية فوجب أن يكون نصفين.
فصل: وإن استأجر ظهراً للركوب لم يصح العقد حنى يعرف جنس المركوب لأن الغرض يختلف باختلافه ويعرف ذلك بالتعيين والوصف لأنه يضبط بالصفة فجاز أن يعقد عليه بالتعيين والوصف كما قلنا في البيع فإن كان في الجنس نوعان مختلفان في السير كالمهملج والقطوف من الخيل ففيه وجهان: أحدهما يفتقر إلى ذكره لأن سيرهما يختلف والثاني لا يختلف لأن التفاوت في جنس واحد يقل ولا يصح حتى يعرف الراكب ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنه يختلف بثقله وخفته وحركته وسكونه ولا يضبط ذلك بالوصف فوجب تعيينه ولا يصح حتى يعرف ما يركب به من سرج وغيره لأنه يختلف ذلك على المركوب والراكب فإن كان عمارية أو محملاً ففيه ثلاثة أوجه: أحدها