لضرب اللبن لم يصح حتى يعرف موضع الماء والتراب ويذكر الطول والعرض والسمك والعدد وعلى هذا جميع الأعمال التي يستأجر عليها وإن كان فيما يختلف الغرض باختلافه ما لا يعرفه رجع فيه إلى أهل الخبرة ليعقد على شرطه كما إذا أراد أن يعقد النكاح ولم يعرف شروط العقد رجع إلى من يعرفه ليعقد بشروطه وإن عجز عن ذلك فوضه إلى من يعرفه ليعقد بشرطه كما يوكل الأعمى في البيع والشراء من يشاهد المبيع.
فصل: وإن استأجر رجلاً ليلقنه سورة من القرآن لم يصح حتى يعرف السورة لأن الغرض يختلف باختلافها وإن كان على تلاوة عشر آيات من القرآن لم يصح حتى يعينها لأن آيات القرآن تختلف فإن كان على عشر آيات من سورة معينة ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأن الأعشار تختلف والثاني يصح لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت نفسها عليه فقال لها: "اجلسي بارك الله فيك أما نحن فلا حاجة لنا فيك ولكن تملكيننا أمرك" قالت نعم: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه القوم فدعا رجلاً منهم فقال: "إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت" فقالت ما رضيت لي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رضيت ثم قال للرجل: "هل عندك من شيء" قال لا والله يا رسول الله قال: "ما تحفظ من القرآن؟ " قال: سورة البقرة والتي تليها قال: "قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك" وهل يفتقر إلى تعيين الحرف؟ فيه وجهان: أحدهما لا يصح حتى يعين الحرف لأن الأغراض تختلف باختلاف الحرف والثاني لا يحتاج إلى تعيين الأحرف لأن ما بين الأحرف من الاختلاف قليل.
فصل: وإن استأجر للحج والعمرة لم يصح حتى يذكر أنه إفراد أو قران أو تمتع لأن الأغراض تختلف باختلافها فأما موضع الإحرام فقال في الأم لا يجوز حتى يعين وقال في الإملاء إذا استأجر أجيراً أحرم من الميقات ولم يشترط التعيين واختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق المرزوي فيه قولان: أحدهما لا يجوز حتى يعين لأن الإحرام قد يكون من الميقات وقد يكون من دويرة أهله وقد يكون من غيرهما فإذا أطلق العقد على مجهول فلم يصح والثاني أنه يجوز من غير تعيين ويحمل على ميقات الشرع لأن الميقات معلوم بالشرع فانصرف الإطلاق إليه كنقد البلد في البيع ومن أصحابنا من قال إن كان الحج عن حي لم يجز حتى يعين لأنه يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه وإن كان عن ميت جاز من غير تعيين لأنه لا يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه وحمل القولين