للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على هذين الحالين ومنهم من قال: إن كان للبلد ميقاتان لم يجز حتى يبين لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر فوجب بيانه كالثمن في موضع فيه نقدان وإن لم يكن له إلا ميقات واحد جاز من غير تعيين كالثمن في موضع ليس فيه إلا نقد واحد وحمل القولين على هذين الحالين فإن ترك التعيين وقلنا إنه لا يصح فحج الأجير انعقد الحج للمستأجر لأنه فعله بإذنه مع فساد العقد فوقع له كما لو وكله وكالة فاسدة في بيع.

فصل: ولا تصح الإجارة إلا على أجرة معلومة لأنه عقد يقصد به العوض فلم يصح من غير ذكر العوض كالبيع ويجوز إجارة المنافع من جنسها ومن غير جنسها لأن المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع ثم الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض فكذلك المنافع.

فصل: ولا تجوز إلا بعوض معلوم لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استأجر أجيراً فليعلمه أجره١" ولأنه عقد معاوضة فلم يجز بعوض مجهول كالبيع وإن عقد بمال جزاف نظرت فإن كان العقد على منفعة في الذمة ففيه قولان لأن إجارة المنفعة في الذمة كالسلم وفي السلم على مال جزاف قولان فكذلك في الإجارة ومنهم من قال فيه قولان: أحدهما يجوز والثاني لا يجوز لأنه عقد على منتظر وربما انفسخ فيحتاج إلى الرجوع إلى العوض فكان في عوضه جزافاً قولان كالسلم وإن كانت الإجارة على منفعة معينة جاز بأجرة حالة ومؤجلة لأن إجارة العين كبيع العين وبيع العين يصح بثمن حال ومؤجل فكذلك الإجارة فإن أطلق العقد وجبت الأجرة بالعقد ويجب تسليمها بتسليم العين لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف رشحه٢" ولأن الإجارة كالبيع ثم في البيع يجب الثمن بنفس العقد ويجب تسليمه بتسليم العين فكذلك في الأجرة فإن استوفى المنفعة استقرت الأخيرة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال ربكم عز وجل: ثلاث أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره" ولأنه قبض المعقود عليه فاستقر عليه البدل كما لو قبض المبيع فإن سلم إليه العين التي وقع في العقد على منفعتها ومضت مدة يمكن فيها الاستيفاء استقر البدل لأن المعقود عليه تلف تحت يده فاستقر عليه البدل كالمبيع إذا تلف في يد المشتري فإن عرض العين على المستأجر ومضى زمان يمكن فيه الاستيفاء استقرت الأجرة لأن المنافع تلفت باختياره فاستقر عليه


١ رواه النسائي في كتاب الأيمان باب ٤٤. أحمد في مسنده "٣/٥٩،٦٨".
٢ رواه ابن ماجة في كتاب الرهون باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>