ضمانها كالمشتري إذا أتلف المبيع في يد البائع فإن كان هذا في إجارة فاسدة استقر عليه أجرة المثل لأن الإجارة كالبيع والمنفعة كالعين ثم البيع الفاسد كالصحيح في استقرار البدل فكذلك في الإجارة فإن كان العقد على منفعة في الذمة لم يجز بأجرة مؤجلة لأن إجارة ما في الذمة كالسلم ولا يجوز السلم بثمن مؤجل فكذلك الإجارة ولا يجوز حتى يقبض العوض في المجلس كما لا يجوز في السلم ومن أصحابنا من قال إن كان العقد بلفظ السلم وجب قبض العوض في المجلس لأنه سلم وإن كان بلفظ الإجارة لم يجب لأنه إجارة والأول أظهر لأن الحكم يتبع المعنى لا الإسم ومعناه معنى السلم فكان حكمه كحكمه ولا تستقر الأجرة في هذه الإجارة إلا باستيفاء المنفعة لأن المعقود عليه في الذمة فلا يستقر بدله من غير استيفاء كالمسلم فيه.
فصل: وما عقد من الإجارة على منفعة موصوفة في الذمة يجوز حالاً ومؤجلاً في الذمة كالسلم والسلم يجوز حالاً ومؤجلاً فكذلك الإجارة في الذمة وإن استأجر منفعة في الذمة وأطلق وجبت المنفعة حالة كما إذا أسلم في شيء وأطلق وجب حالاً فإن استأجر رجلاً للحج في الذمة لزمه الحج من سنته فإن أخره عن السنة نظرت فإن كانت الإجارة عن حي كان له أن يفسخ لأن حقه تأخر وله في الفسخ فائدة وهو أن يتصرف في الأجرة فإن كانت عن ميت لم يفسخ لأنه لا يمكن التصرف في الأجرة إذا فسخ العقد ولا بد من استئجار غيره في السنة الثانية فلم يكن للفسخ وجه وما عقد على منفعة معينة لا يجوز إلا حالاً فإن كان على مدة لم يجز إلا على مدة يتصل ابتداؤها بالعقد وإن كان على عمل معين لم يجز إلا في الوقت الذي يمكن الشروع في العمل لأن إجارة العين كبيع العين وبيع العين لا يجوز إلا على ما يمكن الشروع في قبضها فكذلك الإجارة فإن استأجر من يحج له لم يجز إلا في الوقت الذي يتمكن فيه من التوجه فإن كان في موضع قريب لم يجز قبل شهر الحج لأنه يتأخر استيفاء المعقود عليه عن حال العقد وإن كان في موضع بعيد لا يدرك الحج إلا أن يسير قبل أشهره لم يستأجر إلا في الوقت الذي يتوجه بعده لأنه وقت الشروع في الاستيفاء فإن قال أجرتك هذه الدار شهراً لم يصح لأنه ترك تعيين المعقود عليه في عقد شرط فيه التعيين فبطل كما لو قال بعتك عبداً فإن أجر داراً من رجل شهراً من وقت العقد ثم أجرها منه الشهر الذي بعده قبل انقضاء الشهر الأول ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه إجارة منفعة معينة على مدة متأخرة عن العقد فأشبه إذا أجرها من غيره والثاني أنه يصح وهو المنصوص لأنه ليس لغيره يد تحول بينه وبين ما استأجر ولأن أحد شهريه لا ينفصل عن الآخر فأشبه إذا جمع بينهما في العقد