فصل: فإن أكرى ظهراً من رجلين يتعاقبان عليه أو اكترى من رجل عقبة ليركب في بعض الطريق دون بعض جاز وقال المزني لا يجوز اكتراء العقبة إلا مضموناً لأنه يتأخر حق أحدهما عن العقد فلم يجز كما لو أكراه ظهراً في مدة تتأخر عن العقد والمذهب الأول لأنه استحقاق الاستيفاء مقارن للعقد وإنما يتأخر في القسمة وذلك لا يمنع صحة العقد كما لو باع من رجلين صبرة فإنه يصح وإن تأخر حق أحدهما عند القسمة فإن كان ذلك في طريق فيه عادة في الركوب والنزول جاز العقد عليه مطلقاً وحملا في الركوب والنزول على العادة لأنه معلوم بالعادة فحمل الإطلاق عليه كالنقد المعروف في البيع وإن لم يكن فيه عادة لم يصح حتى يبين مقدار ما يركب كل واحد منهما لأنه غير معلوم بالعادة فوجب بيانه كالثمن في موضع لا نقد فيه فإن اختلفا في البادئ في الركوب أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة قدم لأنهما تساويا في الملك فقدم القرعة.
فصل: وما عقد من الإجارة على مدة لا يجوز فيه شرط الخيار لأن الخيار يمنع من التصرف فإن حسب ذلك على المكرى زدنا عليه المدة وإن حسب على المكترى نقصنا من المدة وهل يثبت فيه خيار المجلس؟ فيه وجهان: أحدهما لا يثبت لما ذكرناه من النقصان والزيادة في خيار الشرط والثاني يثبت لأنه قدر يسير ولكل واحد منهما إسقاطه وإن كان الإجارة على عمل معين ففيه ثلاثة أوجه: أحدها لا يثبت فيه الخياران لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار والثاني يثبت فيه الخياران لأن المنفعة المعينة كالعين المعينة في البيت ثم العين المعينة يثبت فيها الخياران فكذلك المنفعة والثالث يثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط لأنه عقد على منتظر فيثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط كالسلم وإن كانت الإجارة على منفعة في الذمة ففيه وجهان: أحدهما لا يثبت فيه الخياران لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار والثاني يثبت فيه خيار المجلس دون الشرط لأن الإجارة في الذمة كالسلم وفي السلم يثبت خيار المجلس دون خيار الشرط فكذلك في الإجارة.
فصل: وإذا تم العقد لزم ولم يملك واحد منهما أن ينفرد بفسخه من غير عيب لأن الإجارة كالبيع ثم البيع إذا تم لزم فكذلك الإجارة وبالله التوفيق.